في تحد جديد للمجتمع الدولي، أعلن الرئيس الإيراني حسن روحاني، الثلاثاء، أن طهران ستقلص مزيدا من التزاماتها بالاتفاق النووي، الذي تم التوصل إليه عام 2015، وانسحبت منه الولايات المتحدة في مايو 2018.
وقال حسن روحاني، في خطاب بثه التلفزيون الحكومي، الثلاثاء، إن طهران ستتخلى عن التزامات جديدة مضمنة في الاتفاق النووي، بدءًا من الأربعاء.
وتؤكد إيران أنها ضاعفت عدد أجهزة الطرد المركزي المتطورة من طراز "آي آر 6"، بسبب عدم التزام الولايات المتحدة التي انسحبت من الاتفاق وأعادت فرض عقوبات شديدة على طهران، بسبب دورها المزعزع للاستقرار في منطقة الشرق الأوسط.
وترى طهران أن القوى الأوروبية لم تستطيع أن تنقذ الاتفاق النووي، الذي كانت إيران تراهن عليه لتحسين وضع الاقتصاد، لكن العقوبات الأميركية بددت الآمال وهوت بالعملة الإيرانية إلى مستوى كارثي ففقد الريال أكثر من ثلثي قيمته، في غضون عام.
وأورد الرئيس الإيراني أن إيران ستستأنف عمليات تخصيب اليورانيوم في منشأة فوردو النووية، التي تقع على بعد نحو 180 كيلومترا إلى الجنوب من طهران، بعدما جمدتها بموجب الاتفاق، بحسب ما ذكرت وكالة فرانس برس.
تنديد الأصدقاء والأعداء
وقوبلت الخطوة الإيرانية بتنديد دولي واسع، فقالت ألمانيا إن قيام طهران بتشغيل أجهزة طرد مركزي متطورة يهدد الاتفاق ودعت طهران إلى العودة إليه.
وعلق مسؤول أميركي كبير، الاثنين، بالقول إن إيران "ليس لديها سبب منطقي" لتوسيع برنامجها للتخصيب، مضيفا "ما أعلنوه خطوة كبيرة في الاتجاه الخاطئ".
وفي السياق نفسه، عبرت روسيا عن القلق إزاء قرار إيران استئناف تخصيب اليورانيوم في منشأة فوردو جنوبي طهران
وقال الرئيس الإيراني حسن روحاني إن بلاده ستشرع في ضخ غاز اليورانيوم إلى ألف وأربعة وأربعين جهازَ طرد مركزي.
وأضاف روحاني أن طهران ستقلص مزيدا من التزاماتها بموجب الاتفاق النووي بضخ الغاز في أجهزة طرد مركزي في منشأة "فوردو"، بدءا من الأربعاء.
وبموجب الاتفاق النووي، من المفترض أن تعمل هذه الأجهزة من دون ضخ غاز اليورانيوم.
البقلي: التراخي الدولي يشجع إيران
ويرى الباحث في الشؤون الإيرانية، هشام البقلي في حديث لسكاي نيوز عربية، أن إيران تتعامل بمنطق "من أمن العقاب أساء الأدب"، لأن طهران لم تُعاقب من القوى الدولية رغم كثرة التجاوزات، كما أن بعض البلدان الأوروبية ما زالت تقف على مسافة قريبة من إيران، دون أن تتخذ أي خطوات لتجاوزات طهران على الأرض؛ سواء على المستوى الإقليمي أو الدولي.
وبالتالي، فإن إيران مستمرة في خطواتها الاستفزازية للمجتمع الدولي، حسب البقلي، أما العقوبات التي فرضتها واشنطن عقب الانسحاب من الاتفاق النووي في مايو 2018، فهي شديدة من الناحية النظرية لكن تطبيقها لا يجري على نحو صارم.
أما بشأن السبب الذي يجعل القوى الأوروبية متساهلة مع إيران، فيقول البقلي إن الدول الأوروبية لا تريد أن تظهر بمثابة أدوات تابعة للسياسة الأميركية التي تدعو إلى ممارسة أقصى درجات الضغط على طهران حتى ترضخ وتقبل بالجلوس إلى طاولة المفاوضات.
وفي المنحى نفسه، يضيف الباحث أن الاتحاد الأوروبي يريد أن يحافظ على المصالح التي تجمعه بإيران، والتي كانت ستنتج شراكات واستثمارات ضخمة، لولا الانسحاب الأميركي من الاتفاق النووي، وفرض عقوبات على كل شركة تتعامل مع إيران "ومع ذلك، هناك دول أوروبية مستفيدة من الالتفاف على العقوبات، خاصة في مجال النفط".
ويشير البلقي إلى أن الاتحاد الأوروبي يرى في الاتفاق النووي الإطار الممكن لتطويق الأزمة، ولذلك، فهو يحرص على البقاء فيه، رغم الانتهاكات الإيرانية المتواصلة.
ولا يرى الباحث، تحولا لافتا في موقف موسكو، رغم إعراب روسيا عن قلقها حيال استئناف إيران لتخصيب اليورانيوم، ويقول البقلي إن الأمر يتعلق بتغيير لهجة فقط، لأن روسيا تدين طهران من باب حرصها على العلاقة مع دول غير راضية عما تقوم به إيران في منطقة الشرق الأوسط.
ويضرب البقلي مثلا ببريطانيا، قائلا إنها بدت في الآونة الأخيرة كما لو أنها التحقت بالنهج الحازم الذي تتبعه الولايات المتحدة إزاء إيران، لكن لندن لم تحدث تحولا كبيرا على أرض الواقع "لقد اعتادت إيران على التصعيد الإعلامي، من خلال بيانات الرفض والتنديد، لكن دون خطوات على أرض الواقع".