تتزايد المخاوف من عودة تنظيم "داعش" الإرهابي للظهور على الساحة، وذلك بالتزامن مع إعلان تركيا بدء عمليتها العسكرية شمال شرقي سوريا، الأربعاء.

فبعد أن ظلت قوات سوريا الديمقراطية، المدعومة من واشنطن، شوكة في حلق تنظيم "داعش" الإرهابي في سوريا، جاء إعلان الرئيس الأميركي دونالد ترامب بالانسحاب من شمالي سوريا، ليمهد الطريق أمام عملية تركية يرى محللون أن نتائجها ستكون كارثية، وأخطرها عودة "داعش" لدائرة الضوء مجددا.

وحذر المتحدث باسم قوات سوريا الديمقراطية، مصطفى بالي، من خلال تغريدة في حسابه الرسمي بتويتر، من مغبة الانسحاب الأميركي، بقوله: "هناك المزيد من العمل الذي ينبغي إنجازه لمنع داعش من العودة مجددا، والمحافظة على الإنجازات التي تحققت في هذا الميدان".

وتابع بالي في تغريدة أخرى: "يوما ما عندما تستخدم تركيا مقاتلي داعش الأسرى كتهديد لأوروبا والعالم تماما كما استخدمت اللاجئين السوريين، سنذكّر الذين وثقوا بتركيا بأن صمتهم كان السبب الرئيسي وراء ذلك".

وحثت ألمانيا بدورها تركيا على وقف عمليتها العسكرية في سوريا، وقال وزير خارجيتها هايكو ماس في بيان: "تركيا تخاطر بمزيد من زعزعة الاستقرار في المنطقة، وعودة نشاط تنظيم داعش. الهجوم التركي قد يؤدي إلى كارثة إنسانية جديدة، وأيضا تدفقات جديدة للاجئين".

أما السيناتور الجمهوري ليندسي غراهام، المعروف بدعمه للرئيس دونالد ترامب، فقد غرّد على حسابه الرسمي في تويتر قائلا: "لنصلي من أجل حلفائنا الأكراد الذين تم التخلي عنهم بشكل معيب من قبل إدارة ترامب"، مضيفا "هذه الخطوة ستضمن عودة ظهور تنظيم داعش".

وظلت قوات سوريا الديمقراطية حليف الولايات المتحدة في قتال "داعش" بسوريا، وقد خسرت ما يقارب الـ11 ألف مقاتل خلال ذلك الصراع.

أخبار ذات صلة

المدنيون.. أولى ضحايا القصف التركي العشوائي شمالي سوريا

 

أخبار ذات صلة

الاتحاد الأوروبي يطالب بوقف الهجوم التركي في سوريا

وتمكنت هذه القوات في مارس الماضي، من السيطرة على آخر معاقل التنظيم الإرهابي في سوريا، ببلدة الباغوز بمحافظة دير الزور، إلا أن المقاتلين الأكراد يجدون أنفسهم اليوم محاصرين بين رئيس أميركي حريص على الوفاء بوعوده بإخراج الولايات المتحدة من دائرة الحروب الخارجية، وحكومة تركية تعتبرهم "إرهابيين" يهددون أمن بلادها.

وفي ضوء هذه التطورات المتسارعة، تبرز مسألة أسرى "داعش" الذين كانوا حتى الآن تحت سيطرة مقاتلي قوات سوريا الديمقراطية، حيث نقلت شبكة "إن بي سي" الإخبارية عن القائد العام لقوات سوريا الديمقراطية مظلوم كوباني قوله، إن أعدادا كبيرة من المقاتلين الأكراد الذين كانوا مكلفين بحراسة عناصر من "داعش" توجهوا لصد الهجوم التركي.

وبحسب كوباني فإن ما يقارب 12 ألف إرهابي ممن كانوا تحت حراسة القوات الكردية، قد باتوا يمثلون الآن "أولوية ثانية" بالنسبة لهم، عقب الهجوم التركي.

ويرى مراقبون أن ما يجري من "توغل تركي" و"انسحاب أميركي" يعد بمثابة "الهدية" و"قبلة الحياة" للجماعات الإرهابية، التي يزدهر نشاطها وتعود للظهور في حالات الفراغ، كتلك الموجودة حاليا في شمال سوريا.

وتعليقا على إمكانية استغلال "داعش" للمتغيرات الجارية في الشمال السوري، نقلت "إن بي سي" عن أستاذ سياسات الشرق الأوسط في كلية لندن للاقتصاد، فواز جرجس قوله: "المستفيد الأكبر من الانسحاب الأميركي هو داعش. سيرى الجميع، وأتمنى أن أكون مخطئا، ظهور الخلايا النائمة للتنظيم الإرهابي، مستغلة العنف الدائر في شمال سوريا والهجوم التركي".

كذلك حذرت مديرة معهد الخدمات الملكية المتحدة كارين فون هيبل، من أن انسحاب الأكراد من شمال سوريا وتركهم لمعسكرات الاعتقال الخاصة بمقاتلي "داعش" سيجعل المنطقة نواة لظهور نسخ جديدة من التنظيم الإرهابي.

وكان تقرير أميركي قد حذر في يونيو الماضي من عودة أكثر خطورة لتنظيم "داعش"، مؤكدا أنه "يحضر لاستعادة أراض في سوريا والعراق، وبشكل أسرع".

وأوضح التقرير الذي أعده مركز دراسات الحرب بواشنطن، أن "داعش" لا يزال يحتفظ بشبكة مالية عالمية تمول عودته، وتمكنه من إعادة هيكلة عملياته للعودة.

وبيّن أن زعيم "داعش"، أبو بكر البغدادي، كان "يعمل بشكل ممنهج على إعادة تشكيل التنظيم، للتحضير لموجة جديدة من العنف في المنطقة".

وأكد التقرير أن التباطؤ في مكافحة "داعش"، منحه فرصة للتخطيط للمرحلة الثانية من الحرب، مؤكدا أن هذا التباطؤ قد يساعد على تمدد التنظيم في كل من سوريا والعراق مرة أخرى.

وحذر التقرير من أن "داعش" أعاد تشكيل قدراته الأساسية نهاية العام الماضي، مما قد يمكنه من شن هجمات أكبر في الأشهر المقبلة.

ولفت أيضا إلى إمكانية "داعش" شن سلسلة من الهجمات في أوروبا، معتبرا أن الرئيس الأميركي دونالد ترامب أخطأ بالإعلان عن القضاء على التنظيم، ومغادرة القوات الأميركية لسوريا.

ودعا التقرير الولايات المتحدة لاتخاذ تدابير عاجلة لتقويض إعادة ظهور "داعش" في العراق وسوريا، ولتوسيع عمليات المساعدات الإنسانية للتخفيف من جاذبية التنظيم الإرهابي الذي يستغل هذه النقطة.