وضعت نقابات المحامين التركية، رئيس البلاد، رجب طيب أردوغان، في موقف محرج،الاثنين، بعدما رفض عدد كبير من رجال القانون أن يحضروا احتفالا رسميا، قائلين إن السلطات تنتهك استقلالية القضاء، على نحو مفضوح، خلال السنوات الأخيرة.
وبحسب موقع "أحوال التركي"، فإن 41 جمعية للمحامين في تركيا رفضت المشاركة في الاحتفال الذي أقيم، الاثنين، داخل القصر الرئاسي في العاصمة أنقرة.
وأورد المصدر أن جمعيات المحامين في كل من أنقرة وإسطنبول وإزمير، وهي مدن كبرى في البلاد، رفضت المشاركة في اللقاء الذي راهن عليه أردوغان حتى يروج لمشروع إصلاح الجهاز القضائي الذي أُعلن عنه في أواخر مايو الماضي.
وزعم أردوغان، خلال اللقاء، أنه جرى التوقيع على إصلاحات "تاريخية" في الجهاز القضائي، وأضاف أن البلاد تتجه إلى تبني خطة شاملة لحماية حقوق الإنسان، لكن ناشطي حقوق الإنسان والمحامين في تركيا يشككون في طمأنة الرئيس.
ويقول معارضو أردوغان إن الرئيس التركي لم يتوان عن التدخل في الجهاز القضائي، خلال السنوات الأخيرة، لاسيما بعد محاولة الانقلاب الفاشلة في يوليو 2016، حيث تم تسريح وتوقيف آلاف الأشخاص، بمجرد الاشتباه في علاقتهم بجماعة فتح الله غولن التي كانت من أبرز حلفاء حزب العدالة والتنمية.
وتتهم تركيا جماعة غولن بالتورط في محاولة الانقلاب الفاشلة، لكن رجل الدين المقيم في الولايات المتحدة يرفض أي دور له فيما حصل.
وبحسب بيانات صادرة عن "مبادرة المحامين المعتقلين في تركيا"، فإن السلطات أدانت 321 محاميا بعقوبات حبسية تصل مدتها الإجمالية إلى 2022 سنة.
ويكشف تصنيف "حكم القانون" أن تركيا متأخرة جدا لأن البلاد حلت في المرتبة 109 عالميا من أصل 126 دولة، وصدر هذا المؤشر عما يعرف بـ"مشروع العدالة العالمي".
في غضون ذلك، قال رئيس حزب الشعب الجمهوري المعارض في تركيا، كمال كليجدار أوغلو، إنه لا مجال للحديث عن استقلالية القضاء بالبلاد خلال الوقت الحالي. "وهذا الأمر دليلٌ على وجود أزمة تسيير في البلد".
وأضاف كليجدار أوغلو، وهو زعيم أكبر حزب معارض في البلاد، إنه ليس من المناسب أن يقام الاحتفال بالسنة القضائية داخل القصر الرئاسي، لأن هذا الأمر ينال من الفصل بين السلطات.
في المقابل، دافع أردوغان عن حكمه، قائلا إن تركيا احترمت مبدأ الفصل بين السلطات، واتهم "بعض" جمعيات المحامين بمحاولة الاستفزاز لأن الاحتفال أقيم في القصر.
وتتعرض السلطات التركية لانتقادات حقوقية واسعة بسبب سجل حقوق الإنسان، وأضعفت هذه التجاوزات حظوظ أنقرة في الانضمام إلى الاتحاد الأوروبي.
ويرى مراقبون أن ما حدث في قضية القس الأميركي، أندرو برونسون، كان دليلا على عدم استقلالية القضاء التركي، لأن أنقرة دافعت عن اعتقاله في البداية بسبب "تهم الإرهاب"، لكنها سرعان ما أفرجت عنه، حين لجأت واشنطن إلى سلاح العقوبات الاقتصادية ضد تركيا.
وفي تصريح سابق، قال كليجدار أوغلو، إن حادثة برونسون كشفت ضعف الجهاز القضائي، لاسيما أن أنقرة أفرجت عن عدة أجانب، بعدما اعتقلتهم بتهم ثقيلة، لكنها اضطرت إلى الإفراج عنهم في عمليات مساومة أو من باب الخنوع، وهذا الأمر لا يحصل في الدول الديمقراطية، لأن الكلمة الفصل تكون للقاضي، وليس لرجل السياسة.