تمثل العقوبات الأميركية على ثعلب الدبلوماسية الإيرانية محمد جواد ظريف رسالة واضحة إلى طهران بوقف الدعاية الدبلوماسية الزائفة بتلميع صورة نظام الملالي أمام المجتمع الدولي.
وفي بيان وزارة الخزانة الأميركية، أشار ستيفن منوتشين أن ظريف ينفّذ الأجندة الطائشة للمرشد الإيراني، وهو المتحدث الأساسي باسم نظام إيران في الخارج.
وأوضح البيت الأبيض أن العقوبات ستشمل تجميد أي أصول لوزير الخارجية الإيراني سواء داخل الولايات المتحدة أو تلك التي تسيطر عليها كيانات أميركية.
وبالإضافة إلى محاولات تجميد أصول ظريف، ستسعى واشنطن إلى تقييد قدرة وزير الخارجية الإيراني على العمل كدبلوماسي يجول العالم عبر الحد من رحلاته الدولية. غير أن العقوبات لن تمنعه من زيارة مقار الأمم المتحدة في نيويورك وإن كانت ستكون الزيارات تحت قيود مشددة.
وما من شأن تلك العقوبات إلا التضييق على جواد ظريف، عرّاب الدعاية السياسية الإيرانية، الذي يمتلك قدرة فائقة على المراوغة والخداع، والذي طالما استطاع أن يظهر نفسه كمحاور صادق وعقلاني عن النظام الإيراني الذي يطمع لأن تصيبه عدالة البيت الأبيض الغائبة التي تظهر نفسها بأنها لا تسعى للتصعيد والحرب.
فقد كان ظريف رأس الحربة في الحملات الدعائية التي تستهدف طهران والسياسة الإيرانية لتشتيت النظر بعيدا عن مخططاته الإقليمية والدولية، وعلى وجه الخصوص في الداخل الأميركي. فالرجل على دراية بالسياسة الأميركية كونه قد تدرج في السلم الأكاديمي منذ حصوله على الثانوية في سان فرانسيسكو وحتى أعلى الدرجات الأكاديمية في السياسة الدولية من جامعة دنفر.
شخصية محمد جواد ظريف برزت في البدء كأحد اللاعبين الإيرانيين الأساسيين في الاتصالات السرية مع المسؤولين الأميركيين. فقد كان أحد أعضاء الفريق التفاوضي لإصدار قرار مجلس الأمن الذي أنهى الحرب الإيرانية مع العراق في عام 1988.
وبعد هجمات الحادي عشر من سبتمبر، دعا ظريف للتعاون سرا بين واشنطن وتقية طهران ضد العدوين اللدودين للولايات المتحدة؛ القاعدة وطالبان، وحينها قدم النظام الإيراني قائمة بالأهداف التي يمكن للقوات الأميركية ضربها في أفغانستان. كما أسهم الرجل في مساعدة الدول الغربية على تشكيل حكومة حامد كرزاي بعد الإطاحة بتنظيم طالبان.
وظهر ظريف في صلب المحاولات الإيرانية لتخفيف التوتر مع الولايات المتحدة والعالم بأسره حول برنامج إيران النووي المثير للجدل الذي أكدت واشنطن أنه مجرد غطاء لبرنامج سري لإنتاج أسلحة نووية.
كما ساهم الرجل في نزع فتيل عدد من الأزمات بين إيران وأذرعها مع الولايات المتحدة الأميركية كأزمة الرهائن الذين احتجزتهم ميليشيا حزب الله وأزمة احتجاز البحارة الأميركيين في مضيق هرمز وغيرها، إلى أن جاءت إدارة دونالد ترامب إلى البيت الأبيض لتكشف ألعاب ظريف البهلوانية وسياسة إيران العدوانية تجاه المنطقة والعالم بأسره.
فظريف صاحب الوجه المتبسم على الدوام، هو حقا قناع زائف للسياسة الإيرانية التخريبية، فهو المسؤول عن تنفيذ سياسات نظام الملالي بتحويل المقار الدبلوماسية الإيرانية في الخارج إلى أوكار للعمليات التجسسية والاغتيالات.
ظريف صاحب "الوجه البشوش" هو حقا الوجه الناعم للدبلوماسية الإيرانية المتطرفة ، التي يظهر فيها أن إيران لا تهدف إلا لأن تصيبها عدالة البيت الأبيض الغائبة ولا تسعى للتصعيد والحرب، لكنه هو القائل في سلسلة مذكراته في "السيد السفير": " في الدبلوماسية، عليك أن تبتسم دائما.. ولكن لا تنسى أبدا أنك تتحدث مع عدو."