في دولة يحكمها رجل واحد بالحديد والنار ويفرض عليها طوقا محكما من العزلة والتشدد، تشهد كوريا الشمالية بين الحين والآخر ظهورا ملفتا لسيدة إلى جوار الزعيم كيم جونغ أون في زياراته الرسمية أو في المناسبات الوطنية.
اسمها كيم يو جونغ، وهي الشقيقة الصغرى للزعيم الحالي والابنة الصغرى للزعيم السابق كيم جونغ إيل من زوجته الثالثة الراقصة السابقة كو يونغ هوي، ولفتت أنظار الإعلام بقوة العام الماضي عندما زارت كوريا الجنوبية ضمن الوفد الكوري الشمالي رفيع المستوى المشارك في دورة الألعاب الأولمبية الشتوية.
السيدة المبتسمة دائما صاحبة الوجه الودود الجذاب، جلست يومها في موقع إستراتيجي قرب نائب الرئيس الأميركي مايك بنس، لتصبح أول عضو من أسرة كيم الحاكمة تزور الجارة الجنوبية في تاريخ الكوريتين.
ورغم صعودها السريع قبل فترة وجيزة من الألعاب الأولمبية في 2018، فإن وجه يو جونج ليس جديدا على الساحة السياسية في كوريا الشمالية، حيث بدأت المشوار مع والدها كيم جونغ إيل عندما خدمت في الحكومة، قبل تعيينها في عام 2014 نائب مدير إدارة الدعاية تحت إدارة شقيقها.
ومنذ وفاة كيم جونغ إيل، يبدو أن شقيقته كانت بمثابة أقرب المقربين للزعيم الجديد، وهي علاقة بنيت على أخوة وزمالة دراسية في سويسرا.
ولا يعرف أحد على وجه اليقين سن كيم يو جونغ، لكن التقديرات تشير بقوة إلى أنها ولدت في كوريا الشمالية في 26 سبتمبر 1987 لأم من أصل ياباني، علما أن السلطات الكورية الشمالية تفرض عقوبات صارمة على نشر معلومات شخصية عن أي من أفراد الأسرة الحاكمة.
نشأت كيم يو جونغ في الغالب في ظل تربية متشددة في بيونغ يانغ، إلى جانب شقيقيها كيم جونغ تشول وكيم جونغ أون، ورغم ثروة أسرتها الاستثنائية، يعرف عن طفولتها أنها لم تكن مرفهة، حيث كانت تقيم أعياد ميلاد عادية دون بذخ أو ترف.
ومثل أخويها الأكبر، تم إرسال كيم يو جونغ إلى سويسرا لتلقي التعليم عام 1996، حيث يضمن ذلك لأبناء الزعيم الكوري الشمالي البقاء بعيدا عن أعين المتطفلين، وعدم الظهور كثيرا في المجتمع المنغلق.
ولدى وصولها إلى البلد الأوروبي، وضعت كيم يو جونغ تحت أعين ري تشول التي كانت سفيرة لكوريا الشمالية في سويسرا في التسعينيات، حيث يعتقد أن الأخيرة كانت مسؤولة عن اتخاذ الترتيبات التعليمية للأشقاء الثلاثة.
وفي حين يصعب الوصول إلى التفاصيل المحيطة بتعليمها، هناك العديد من المعلومات التي تلفت الانتباه، منها أنها استخدمت "أسماء تعليمية" مستعارة مثل "يونغ سون" و"باك مي هيانغ"، كما حصلت على دراسات إضافية في اللغة الألمانية.
وفي تلك المرحلة، رصدت تقارير صحفية سويسرية اختلافات بين شخصيتي كيم جونغ أون الذي كان مفتونا بالرياضة، وشقيقته الأكثر تحفظا.
وبدأت كيم يو جونغ رحلتها مع السياسة بمجرد عودتها إلى بلادها، حتى لقبت مؤخرا باسم "إيفانكا كوريا الشمالية"، تشبيها لها بابنة الرئيس الأميركي دونالد ترامب التي تعمل بالسياسة إلى جانب زوجها جاريد كوشنر، وتحت إدارة والدها.
ومنذ سنوات، شغلت منصب مدير الدعاية في حزب العمال الكوري الشمالي الحاكم، وعادة ما تظهر في اللقاءات الرسمية إلى جانب الزعيم كيم يونغ أون، ويعتقد أنها تشغل المنصب ذاته حاليا إلى جانب عملها كمستشارة شخصية له.
وسلط ظهورها الأخير مع الزعيم الكوري الشمالي في زياراته الخارجية، الضوء على الدور المكلفة به، وحسب خبراء فإنها ستضطلع بمهام دولية أكبر خلال الفترة المقبلة، وربما يكون لها دور في دفع عجلة المفاوضات بين بيونغ يانغ والغرب بهدف احتواء التوتر الذي يسببه البرنامجان النووي الصاروخي لكوريا الشمالية، لا سيما بعد حضورها اللافت في قمة سنغافورة العام الماضي بين كيم جونغ أون وترامب.