بتصريحات تبتعد عن كل منطق، تواجه إيران التوترات المتصاعدة في منطقة الخليج، محاولة بذلك تضليل الرأي العام بإخفاء الهدف الحقيقي وراء سلوكها الذي يزعزع استقرار المنطقة ويهدد أمن الملاحة البحرية، ويرى مراقبون أن الأمر يندرج في إطار استراتيجية التنصل والإنكار التي تتبعها طهران.
وخلال الأشهر الأخيرة، شهد مضيق هرمز وخليج عُمان عددا من مغامرات إيران التي هددت حركة الملاحة البحرية، وخصوصا ناقلات النفط، الأمر الذي استدعى إدانات دولية، ودعوات للعمل من أجل وقف هذه الاعتداءات.
وتنوعت هذه الاعتداءات بين اعتراض سبيل ناقلات النفط، ومحاولة جر عدد منها عنوة إلى المياه الإيرانية، وآخرها احتجاز ناقلة نفط بريطانية، الجمعة، فضلا عن تأكيد واشنطن أن لديها أدلة كافية على تورط إيران في هجمات بالمتفجرات، طالت ناقلات نفط في خليج عُمان.
لكن كيف تبرر إيران كل هذه الاعتداءات والانتهاكات؟
وفيما يتعلق بالحادثة الأخيرة، أي احتجاز ناقلة النفط البريطانية "ستينا إمبيرو"، الجمعة، قالت طهران إنها احتجزتها في مضيق هرمز ثم سحبتها نحو ميناء بندر عباس، وذلك إثر "تورطها في حادث اصطدام بقارب صيد إيراني"
وقال مدير عام الموانئ والملاحة البحرية في محافظة هرمز، كان الله مراد عفيفي بور، إن "خبراء من إدارة الموانئ والملاحة البحرية في هرمزكان بدأوا التحقيق اليوم بشأن أسباب الحادث، وفق "فرانس برس".
وأوردت وكالة الأنباء الإيرانية الرسمية "إرنا" تفاصيل أخرى، قالت فيها إنه بعد الاصطدام اتصل طاقم قارب الصيد بالناقلة ولكن لم يتلق رد منها، وبحسب القوانين اتصلت السفينة بدائرة الموانئ في هرمزكان .
ومن جانبه، أعلن الحرس الثوري، الجيش الموازي في إيران، والجهة التي احتجزت الناقلة البريطانية، الجمعة أنه أقدم على ذلك، لأن الناقلة لم تلتزم بقوانين الملاحة.
حافة الهاوية
ويقول الخبير في الشؤون الإيرانية، الدكتور نبيل العتوم، في تصريحات إلى موقع "سكاي نيوز عربية"، إن "هناك استراتيجية إيرانية قائمة على التنصل من الأعمال الإرهابية التي تقوم بها".
واعتقد أن الإيرانيين يتبعون استراتيجية "حافة الهاوية"، لافتا إلى تصريحات مرشد النظام الإيراني، علي خامنئي، قبل أيام، قال فيها بشكل واضح إن بريطانيا ستدفع الثمن نتيجة احتجاز ناقلة لها في مضيق جبل طارق.
وربما يندرج في ذلك إطار تفعيل سياسة "حافة الهاوية" الإيرانية في محاولة لتحقيق أكبر قدر من المكاسب، لكنه وفق القانون الدولي يعتبر "قرصنة وأعمال إرهاب"، بحسب العتوم.
وشدد العتوم على تنصل إيران من هذه الأعمال التي تستهدف إرهاب الدول لدفعها لعدم إرسال ناقلات النفط مضيق هرمز، ثم محاولة النفي والإنكار لمحاولة تفادي إجراءات عقابية، خاصة أن الإيرانيين بارعين في ذلك المجال، الذي يعكس الوجه القبيح للنظام.
خداع آخر
وبعدما أعلن الرئيس الأميركي، دونالد ترامب، الخميس، إسقاط طائرة إيرانية مسيرة فوق مضيق هرمز بعد اقترابها من بارجة أميركية، سارعت طهران بالنفي وقالت على لسان نائب وزير خارجيتها، في تصريح مثير للدهشة، إن الولايات المتحدة قد أسقطت واحدة من طائراتها المسيرة عن طريق الخطأ".
ومنذ مطلع مايو الماضي، ارتفع منسوب التوتر بين إيران والولايات المتحدة، بعد أن اكتشفت الأخيرة أن طهران تعد العدة لشن هجمات بواسطة صواريخ على مصالح أميركية في الخليج، هذا إلى جانب وقوع هجمات أو محاولات هجوم على ناقلات نفط في خليج عُمان ومضيق هرمز، قالت واشنطن إن طهران تقف وراءها.
وبلغ التوتر ذروته مع إسقاط إيران طائرة أميركية مسيرة فوق المياه الدولي في يونيو الماضي، وكادت الولايات المتحدة توجه ضربة عسكرية إلى إيران، لكن ترامب تراجع في اللحظة الأخيرة.
واعتبر العتوم أن التبريرات الإيرانية للاعتداءات والأحداث الأخيرة في الخليج تبدو غير منطقية، لأنها لا تمتلك الحجة للدفاع عن نفسها، فهي دولة متورطة في الإرهاب، الذي توظفه من أجل المكاسب التفاوضية وابتزاز دول العالم.
دأب النظام الإيراني
وأشار الخبير في الشؤون الإيرانية إلى حادثة احتجاز البحارة البريطانيين عام 2007 في مياه شط العرب، وحينها أنكرت طهران تورطها في الأمر، ثم أقرت لاحقا باحتجازهم، بعدما قدمت لندن دلائل قاطعة على ذلك.
وشدد العتوم على أن إيران دولة ضالعة في الإرهاب منذ 1979، حيث ارتكب الإيرانيون أعمالا إرهابية كبرى على مستوى إقليمي ودولي، وانخرط النظام في أزمات إقليمية ودعم ميليشيات مسلحة، ولطالما نفت طهران ضلوعها في كل ذلك.
كما ضرب مثلا بدعم طهران لميليشيات الحوثي بأسلحة نوعية تهدد الأمن الإقليمي، قبل التهرب من تقديم الدعم لهم.