آظهرت التصريحات الإيرانية بشأن "الصواريخ الباليستية" تخبطا قد يكون متعمدا من جانب طهران التي تهدف إلى خلط الأوراق لتشتيت حملة الضغط الدولي عليها بعد انتهاكها للاتفاق النووي.
آخر الرسائل الإيرانية جاءت على لسان المتحدث باسم بعثة طهران لدى الأمم المتحدة علي رضا مير يوسف، عندما غرد على تويتر قائلا إن "صواريخ إيران... غير قابلة مطلقا وتحت أي ظرف للتفاوض مع أي أحد أو أي دولة".
وجاءت التغريدة بعدما قال وزير الخارجية الأميركي مايك بومبيو خلال اجتماعي وزاري في البيت الأبيض إن إيران لمحت إلى استعدادها للتفاوض بشأنه.
ولم يخطئ بومبيو، فبالفعل قال وزير الخارجية الإيراني محمد جواد ظريف قبل ساعات، إن برنامج بلاده للصواريخ الباليستية قد يطرح على طاولة المفاوضات مع الولايات المتحدة، إذا توقفت واشنطن عن بيع الأسلحة لحلفائها في الشرق الأوسط.
وجاء هذا الطرح للمرة الأولى خلال مقابلة للوزير مع شبكة "إن بي سي نيوز" بثت مساء الاثنين.
ولطالما شددت إيران على أن برنامج الصواريخ الباليستية، الخاضع لسيطرة الحرس الثوري، مخصص لأغراض دفاعية فقط.
لم يتضمن الاتفاق النووي المبرم عام 2015 برنامج الصواريخ الباليستية.
وقال ظريف "الأسلحة الأمريكية تتجه إلى منطقتنا، ما يجعل منطقتنا جاهزة للانفجار. لذا إذا أرادوا التحدث عن صواريخنا، فعليهم أولا التوقف عن بيع كل هذه الأسلحة."
تناقض متعمد
وقال الخبير في الشأن الإيراني هاني سليمان لموقع سكاي نيوز عربية إن طهران تتبع "استراتيجية الإرباك من خلال إتباع سياسة الخطاب المتناقض المتعمد؛ وهو أحد السمات المميزة لإدارة طهران ملف الاتفاق النووي".
غير أن ذلك التناقض بات أكثر وضوحاً في الفترة الأخيرة فيما يتعلق بحديث وتفاوض طهران حول برنامجها الصاروخي.
ويحقق هذا التناقض عددا من الأهداف، بحسب سليمان؛ فهو "يعطي فرصة لطهران للمراوغة والتنصل من التزاماتها ويجعلها قادرة على الهروب في أي وقت من مسئوليتها إزاء المجتمع الدولي، ثم هو يحقق أيضاً تشتيت وإرباك المواقف الدولية من أجل تصدير حالة التخبط لها وكسب مزيد من الوقت في مسألة التفاوض".
كسب الوقت
واعتبر سليمان إن حالة الغموض والتناقض تلك، تستهدف جعل المجتمع الدولي غير قادر على السيطرة على الموقف الإيراني مما يعطي حالة من السيولة التفاوضية، وهو ما يمنح طهران هامش حركة وفرصة كسب الوقت، وهو ما تريده طهران للوصول إلى موعد الانتخابات الرئاسية الأميركية.
كما أن ذلك الأسلوب يسهم في تفريغ الضغط شيئاً فشيئاً على النظام الذي بات يعاني من العزلة السياسية علاوة على العقوبات الاقتصادية العنيفة، بحسب سليمان.
وعقب الانسحاب من الاتفاق، أعادت الولايات المتحدة فرض حزم من العقوبات التي شلت الاقتصاد الإيراني، وحظرت واشنطن شراء النفط الإيراني، وهو ما أثر بشكل كبير على الوضع الاقتصادي في إيران.
ويقول ترامب إن سلاح العقوبات سيكون ناجعا في دفع إيران إلى الجلوس للتفاوض، لكن طهران كررت مرارا بأنها لن تتباحث مع الولايات المتحدة تحت لغة التهديد والوعيد.
وزاد الملف الإيراني، توترا، في الآونة الأخيرة، عقب إعلان إيران عن تجاوز الحد المتفق عليه من تخصيب اليورانيوم، ردا على العقوبات الأميركية.