تزخر منطقة شرق المتوسط بالثروات التي قد تمثل "شرارة" لنزاعات دولية، وخصوصا بعد الإعلان عن اكتشافات كبيرة من النفط والغاز الطبيعي بهذه المنطقة.

ووفقا لدراسات مسحية، تقدر احتياطات شرق المتوسط من الغاز الطبيعي بحوالي 122 تريليون قدم مكعب، بينما تقدر احتياطيات النفط فيها بحوالي 1.7 تريليون برميل، فيما تشير مصادر أخرى إلى أن الاحتياطيات من هذه الثروات تفوق كثيرا الأرقام المعلنة والمقدرة.

وفي شرق المتوسط، توجد العديد من الدول، ففي جنوبه هناك مصر وفي شرقه فلسطين وإسرائيل ولبنان وسوريا وتركيا، وفي وسطه قبرص، بينما هناك تركيا في شمال شرق المتوسط، ولكل من هذه الدول منطقتها الاقتصادية الخاصة بها.

وقاد اكتشاف هذه الثروات الطبيعية في شرق المتوسط إلى مطالب بترسيم المناطق الاقتصادية لكل من هذه الدول، فظهرت الخلافات.

أخبار ذات صلة

بوساطة أميركية.. محادثات مرتقبة بين لبنان وإسرائيل
عبر البوابة الليبية.. تركيا تستميت من أجل غاز شرق المتوسط

وكان الخلاف الأول بين إسرائيل ولبنان، بينما ينذر الخلاف الثاني باندلاع صراع واسع النطاق، ويدور حول قبرص، إذ قامت تركيا بتوسيع نطاق منطقتها الاقتصادية على حساب الأخيرة، وذهبت أبعد من ذلك عندما رسمت حدودا لمنطقة اقتصادية لقبرص التركية.

ودخلت الولايات المتحدة على خط الوساطة بين لبنان وإسرائيل من أجل التوصل لحل النزاع على المنطقة الاقتصادية لكل منهما، دون تحقيق أي تقدم.

وشكل اكتشاف إسرائيل حقل تمار ثم حقلي داليت وليفياثان، الذي تتقاسمه إسرائيل وقبرص ولبنان، بداية التوتر مع لبنان.

وطالبت كل من لبنان وإسرائيل في البداية الأمم المتحدة بترسيم الحدود البحرية لكل منهما، لكن البلدان لم يتفقا فيما بينهما، إذ اشترطت إسرائيل ترسيم الحدود البرية مع ترسيم الحدود البحرية مع لبنان.

أخبار ذات صلة

عمليات الحفر التركية.. تاريخ الاستفزازات في شرق المتوسط

 

أخبار ذات صلة

غاز شرق المتوسط.. "بخطوة واحدة" مصر تحسم صراع الـ 1%

 تركيا وقبرص

وفيما يتعلق بالنزاع "التركي- القبرصي"، فإن أنقرة تعتبر جزيرة قبرص ومنطقتها الاقتصادية الخاصة بها جزءا من الجرف القاري التركي.

وكان لاكتشاف حقلي الغاز الطبيعي أفرودايت وكاليبسو في المنطقة الاقتصادية القبرصية دورا في زيادة آمال القبارصة بجعلها مركزا لمنتجي الطاقة بشرق المتوسط وربما حل النزاع القبارصة الأتراك في شمالي الجزيرة المقسمة منذ عام 1974، غير أن الأمور جاءت مخالفة للتوقعات، فقد اتخذت أنقرة موقفا عدائيا ولم تتردد بتوظيف قوتها العسكرية لحماية ما تصفه بأنه يمثل "مصالحها".

ويبدو أن تركيا تسعى بالقوة من أجل تحقيق "استقلالها" من الاعتماد على الطاقة من الدول المجاورة، مدفوعة بالإمكانيات والاحتياطيات الهائلة من مصادر الطاقة في شرق المتوسط، ولذلك أرسلت سفنها للتنقيب عن النفط بالقرب من جزيرة قبرص، ورست مؤخرا سفينة "ياووز" التركية قبالة سواحل قبرص من أجل البدء بالتنقيب عن النفط والغاز، الأمر الذي دفع نيقوسيا إلى توجيه احتجاج شديد اللهجة لأنقرة، كما انتقد الاتحاد الأوروبي هذا الإجراء.

وأعلن وزير الطاقة التركي أن سفينة تركية ثانية ستبدأ التنقيب عن الغاز قبالة قبرص قريبا، بعد أن أرسلت في 20 يونيو الماضي، سفينة لاستكشاف حقول الغاز قبالة قبرص.

وردا على التحركات التركية، دعا زعماء الاتحاد الأوروبي أنقرة الشهر الماضي إلى وقف أعمال التنقيب عن الغاز في المياه المتنازع عليها حول الجزيرة حتى لا يتخذ الاتحاد إجراءا في حقها بعد ضغوط من اليونان وقبرص للتدخل.

أعمال عسكرية

وشهد يوم 9 فبراير الماضي أبرز حادثة تهديد للسلم في المنطقة عندما منعت البحرية التركية سفينة الحفر "سايبيم 1200" المملوكة لشركة إيني الإيطالية من القيام بنشاطات التنقيب عن الغاز في المنطقة الاقتصادية القبرصية، وتسببت الحادثة باتهامات متبادلة، حيث اتهمت أنقرة القبارصة اليونانيين بالعمل على استغلال الثروات من جانب واحد، بينما عبرت نيقوسيا عن قلقها من تهديدات أنقرة باستخدام القوة.

وذهبت أنقرة أبعد من ذلك عندما هاجم زورق دورية تركي زورقا يونانيا في 12 فبراير قرب جزر متنازع عليها.

ووسط هذه الصراعات، تعمل مصر بتعاون وثيق مع قبرص واليونان، وتأمل أن تصبح مركزا مهما لإنتاج وتصدير الغاز الطبيعي في المنطقة.

وتعارض مصر، إلى جانب الاتحاد الأوروبي والولايات المتحدة، التحركات التركية وتهديدات أنقرة لشركات النفط والغاز التي تحاول التنقيب في المنطقة.