في اجتماع وزراء الحكومة الإيرانية مع المرشد، علي خامنئي، دائما ما يظهر رجال يجلسون في الصفوف الخلفية وكأنهم حاضرون بصفة مراقبين، لكن في الواقع هم أعضاء "الحكومة الخفية"، التي تحكم البلاد من وراء الستار.
فقد أحاط المرشد الأعلى نفسه بعدد من المستشارين والمقربين، الذين يستمدون نفوذهم من السلطة المطلقة للمرشد وهم الدائرة المقربة التي تتحكم في وضع السياسات وتنفيذها، دون أن يكون عليهم أي التزام تجاه البرلمان الذي يحاسب وزراء الحكومة.
وبحسب راديو فاردا الأميركي المتخصص في تغطية الشأن الإيراني، تعد هذه الشبكة المعقدة متعددة الطبقات من المستشارين المقربين في كافة المناحي السياسية والأمنية والاقتصادية والثقافية.
وتهدف هذه الشبكة من المستشارين، التي بدأت التكوين عام 1999 إلى إحكام قبضة المرشد على كافة مفاصل الدولة وضمان عدم خروج أي حكومة عن الخط الذي وضعه المرشد.
ويأتي في مقدمة هذه الهيئة الاستشارية، الجنرال علي شهبازي، رئيس الأركان السابق، وعلي تسخيري مستشار شؤون العالم الإسلامي، وحسين دهجان مستشار الدفاع، الذي شغل منصب وزير الدفاع لسنوات عديدة، بالإضافة إلى المستشار العسكري حسين فيروز أبادي الذي شغل في السابق القائد العام للقوات المسلحة.
وتضم الدائرة المتنفذة أيضا علي أكبر ولايتي مستشار المرشد للشؤون الدولية، وقد شغل في السابق منصب وزير الخارجية لسنوات عديدة، وغلام علي حداد عضو المجلس الأعلى للثورة الثقافية في إيران
وأعطى الدستور الإيراني للمرشد الأعلى صلاحيات شبه مطلقة، من بينها: الإشراف على تعيين السياسيات العامة للدولة، وهو القائد الأعلى للقوات المسلحة، فضلا عن تعيين كبار القادة العسكريين والأمنيين، وإعلان الحرب وتعيين رئيس السلطة القضائية ورئيس مؤسسة الإذاعة والتلفزيون.
ومن صلاحيات المرشد أيضا تعيين نصف أعضاء مجلس صيانة الدستور، والإشراف المباشر على قوات الحرس الثوري وقوات الباسيج، والمصادقة على صلاحية المرشحين لخوض الانتخابات بعد موافقة مجلس صيانة الدستور.
وتظهر هذه الصلاحيات بشكل جلي سيطرة المرشد شبه المطلقة على النظام السياسي في البلاد، حتى أنها تطال الرئيس المفترض أن يكون منتخبا، إذ بوسع المرشد عزل الرئيس من منصبه بعد قرار المحكمة العليا وأخذ رأي البرلمان.
وفي مقابل ذلك، يضطلع الرئيس الإيراني بمهام محدودة تشمل تنسيق أعمال مجلس الوزراء وإعداد مشاريع القوانين قبل عرضها على البرلمان، ويتولى الرئيس ووزرائه مهام السلطة التنفيذية التي لا تقع ضمن صلاحيات المرشد.
ويعد الرئيس مسؤولا أمام الشعب والبرلمان والمرشد الأعلى ويوقع على المعاهدات والعقود، التي تبرمها الحكومة الإيرانية وتعيين السفراء.
ويعمل مكتب المرشد الأعلى على التواصل مع شبكة المؤسسات العسكرية والأمنية والثقافية والاقتصادية والسياسية عبر مستشاريه.
ومن خلال هذه الشبكة، يقوم خامنئي بإدارة جميع مؤسسات الحكومة. ولدى خامنئي أيضا ذراعا ثقافيا وإعلاميا يتحكم في وسائل الإعلام.
وبهذه الطريقة يضمن خامنئي البقاء قابضا بيده على الحكم في البلاد، بينما يصبح الرئيس مجرد موظف تنفيذي.
ويتدخل مكتب خامنئي أيضًا في المؤسسة التشريعية، حيث لاحظ المتابعون خلال العقدين الماضيين، كيف تدخل أفراد أسته وخاصة ابنه مجتبي في شؤون التشريع والحكم.
ويقول التقرير: "هذا ما يجعلها حكومة خفية تتدخل في كل قرار تتخذه الدولة من صنع السياسات السياسية والاقتصادية الرئيسية إلى تنفيذ أصغر المشاريع".