قال سفير أميركا الأسبق لدى تركيا، إريك إيدلمان، إن هناك أسبابا عديدة تدفع الرئيس دونالد ترامب، إلى اتخاذ مواقف أكثر تشددا إزاء تركيا ورئيسها رجب طيب أردوغان، بسبب ملفات عديدة أبرزها صفقة شراء منظومة الدفاع الجوي الروسي "إس 400".
ورأى إيدلمان في مقال نشرته صحيفة "وول ستريت جورنال"، الأربعاء، أن شراء أردوغان للصواريخ الروسية تهديدا خطيرا للأمن القومي الأميركي.
وفي ديسمبر 2017، قدم الرئيس التركي دفعة إلى موسكو من أجل شراء المنظومة، وذلك بعد أشهر من تمرير الكونغرس قانونا يفرض عقوبات صارمة على الحكومات التي تشتري أسلحة روسية .
وأضاف الدبلوماسي الأميركي السابق "أن أردوغان يريد الآن استثناءً، معتقدا أن ترامب سيميل لمساعدته في في تحقيق غايته هذه، لكن الأخير لا يمكنه فعل أمر كهذا بدون موافقة الكونغرس، وحتى لو استطاع ذلك فلا ينبغي عليه القيام بهذا الأمر".
وأشار إلى أن قانون "مكافحة أعداء أميركا عبر العقوبات" الذي أقره الكونغرس في 2017 واضح بشأن فرض عقوبات على أي كيانات تبرم صفقات كبيرة مع خصوم الولايات المتحدة الواردين في القانون وهم: كوريا الشمالية وإيران وروسيا، ويشمل ذلك بالطبع القطاعات العسكرية والاستخبارية التابعة للحكومة الروسية.
المشكلة الكبرى لواشنطن
ويكلف نظام "إس 400" تركيا نحو 2.5 مليار دولار، وهو واحد من أفضل أنظمة الدفاع الجوي في العالم فتكا، لكن قوة هذا النظام ليست سبب مطالبة وزارتي الخارجية الخزانة الأميركيين أردوغان لإلغاء الصفقة مع موسكو، وفق إيدلمان.
واعتبر إيدلمان، وهو رئيس برنامج تركيا في مؤسسة الدفاع عن الديمقراطيات، أن "المشلكة الكبرى" بالنسبة لواشنطن هي أن صفقة أنقرة تعرض التكنولوجيا الأميركية لـ"خطر القوى المعادية".
وتتأهب تركيا لاستلام مقاتلات "إف- 35" الأميركية الصنع، كما أن الطيارين الأتراك يتدربون بالفعل على قيادة هذه الطائرات في قاعدة جوية بولاية أريزونا الأميركية.
ولفت إيدلمان إلى أن عمل هذه المقاتلة مع نظام الدفاع الجوي الروسية في دولة واحدة، يمكن أن يساعد موسكو في جمع معلومات استخبارية حول قدرات المقاتلة الأكثر تطورا في العالم.
ويمكن أن يهدد هذا الأمر التفوق العسكري الأميركي النوعي الذي يواجه أصلا تراجع، كما يمكن أن يهدد حلفاء واشنطن الذين أبرموا صفقات لشراء هذه الطائرة، بحسب الدبلوماسي الأميركي السابق.
وبالإضافة إلى العقوبات، التي قد يفرضها الكونغرس على تركيا، فقد يخسر أردوغان أيضا صفقة طائرات إف 35، بسبب إصراره على امتلاك منظومة صاروخية روسية، على ما يقول إيدلمان.
تناقض مع المصالح الأميركية
وأوقفت البنتاغون رسميا تسليم معدات التدريب الخاصة بالمقاتلة منذ الأول من أبريل الماضي، لكن الطيارين الأتراك لم يتوقفوا عن التدريب، من غير الواضح إلى متى سيستمر ذلك.
ويجادل البعض، يقول إيدلمان، بأن اتخاذ خطوات صارمة تجاه تركيا خطأ، "فأنقرة عضو في منظمة حلف شمال الأطلسي، وإذا لم تكن الولايات المتحدة حريصة عليها، فقد تخرج من الحلف وترتمي في أحضان روسيا أو حتى إيران".
ويرد الدبلوماسي الأميركي على ذلك قائلا، إنه رغم عضوية تركيا في الناتو، فإن ذلك لم يمنعها من أن تكون أكبر مقر حركة حماس خارج الأرضي الفلسطينية، كما دعمت أسوأ الإرهابين في سوريا خلال الحرب الأهلية منهم المرتبطين بالقاعدة وداعش.
وخلال العامين 2012-2015 في ذروة الجهود الدولية المبذولة لإجبار إيران على التخلي عن طموحاتها النووية عبر العقوبات، تورط الأتراك في التحايل على العقوبات المفروضة على طهران، وجنوا أكثر من 20 مليار دولار، بحسب الدبلوماسي الأميركي السابق.
تدهور داخل تركيا
وعلى الصعيد الداخلي، استعرض إيدلمان انحدار تركيا مع مزيد من الاستبداد، إذ أصبحت أكبر سجن في العالم للصحفيين، كما احتجزت صحفيين غربيين كرهائن.
ولفت إلى قبضة أردوغان الشديدة على وسائل الإعلام والقضاء، معتبرا ان ما تبقى من العملية الديمقراطية في البلاد يتلاعب بها أردوغان، مشيرا إلى إلغاء نتائج بلدية إسطنبول التي فازت فيها المعارضة، أواخر مارس الماضي.
الصرامة مع أردوغان
وخلص إلى أن المسؤولين والمشرعين في أميركا أبدوا صبرا كبيرا رغم كل ما تفعله تركيا، وامتنعوا عن فرض عقوبات على أنقرة، معتبرا أن الأتراك يعتقدون أن الأميركيين سيخففون من مواقفهم.
ولفت إلى تصريح مسؤول تركي قال إن أنقرة تلقت إشارات من ترامب بشأن سعيه لتغيير موقف الكونغرس تجاه تركيا.
وأكد أن ترامب لا يجب أن يستسلم أمام "تملق أردوغان"، مؤكدا أنه ينبغي على الإدارة الأميركية تخيير الرئيس التركي بين المعسكر الغربي في الحقيقة أو بالاسم فقط.