قبل يوليو 2015، كانت إيران تمتلك مخزونا كبيرا من اليورانيوم المخصب، وحوالي 20 ألفا من أجهزة الطرد المركزي، الأمر الذي كان كافيا لإنتاج ما بين 8 إلى 10 قنابل نووية، بحسب تقديرات البيت الأبيض.
ووقتها، قدر خبراء أميركيون أن إيران لو قررت إنتاج سلاح نووي سيكون أمامها شهران أو 3 أشهر فقط للحصول على كمية كافية من اليورانيوم المخصب (بحدود 90 بالمئة) وهي الكمية اللازمة لإنتاج القنبلة.
وبعد نحو 4 سنوات من التغير النسبي بموجب اتفاق وقعته إيران مع الدول الخمس دائمة العضوية في مجلس الأمن الدولي (الولايات المتحدة وبريطانيا وفرنسا والصين وروسيا)، بالإضافة إلى ألمانيا، هدد الرئيس الإيراني حسن روحاني، الأربعاء، باستئناف تخصيب اليورانيوم، وعدم بيع بلاده لليورانيوم المخصب والمياه الثقيلة لدول أخرى.
ثم منح الموقعين على الاتفاق فرصة 60 يوما للاختيار بين أمرين، إما الوفاء بالتزاماتهم المالية والنفطية المنصوص عليها في الاتفاق، وإما اتباع الولايات المتحدة والانسحاب من الاتفاق. فماذا يعني ذلك؟
يطالب الاتفاق إيران ببيع فائض اليورانيوم المخصب لديها إلى الخارج، بدلا من الاحتفاظ به. ومع بيعه إلى الخارج، تستطيع إيران توليد طاقة نووية، ويمكن للأطراف الأخرى في الاتفاق أن يتأكدوا أنها لا تطور أسلحة نووية.
وأجاز الاتفاق النووي تصدير اليورانيوم المخصب لمنع ارتفاع المخزون الإيراني منه عن القدر المسموح، وهو 300 كيلوغرام من اليورانيوم المخصب.
لكن الرئيس الإيراني، حسن روحاني، قال إن بلاده ستواصل تخصيب مخزون اليورانيوم في الداخل، بدلا من بيعه إلى الخارج.
كما هدد أيضا باستئناف إنتاج يورانيوم عالي التخصيب خلال 60 يوما. واليورانيوم مادة مهمة، تنتجها مولدات الطاقة النووية المدنية في إيران، ويمكن استخدامه من تصنيع أسلحة نووية.
وبموجب الاتفاق النووي المبرم عام 2015، وافقت طهران على الحد من حجم مخزونها من اليورانيوم المخصب، المستخدم لصنع وقود المفاعلات النووية وكذلك صنع الأسلحة النووية، لمدة 15 عاما، وخفض عدد أجهزة الطرد المركزي لمدة 10 سنوات.
وبحسب الاتفاق، خفضت إيران مخزونها من اليورانيوم بنحو 98 بالمئة إلى 300 كيلوغرام لمدة 15 عاما، والتزمت بمستوى تخصيب بحدود 3.67 بالمئة، لكن يبدو أن هذه النسبة أيضا تمكن إيران من استئناف التخصيب الذي يؤدي في نهاية المطاف لإنتاج قنابل نووية.
فقد أسست إيران منشأتين لتخصيب اليورانيوم، وهما "نطنز" و"فوردو"، وهناك جرت تغذية محطات الطرد المركزي بغاز سادس فلوريد اليورانيوم لفصل يورانيوم U235 الأكثر انشطارا.
ويمكن استخدام اليورانيوم منخفض التخصيب، الذي يحتوي على نسبة تركيز من U235 تتراوح بين 3 و4 بالمئة، لإنتاج الوقود لمحطات الطاقة النووية، لكن يمكن تخصيبه أيضا لنسبة 90 بالمئة المطلوبة لإنتاج قنابل نووية.
ورغم نص الاتفاق النووي على أن تحد إيران من حجم مخزونها من اليورانيوم المخصب، تأتي تصريحات روحاني اليوم بشأن عدم بيع بلاده لليورانيوم المخصب، لتؤكد إمكانية ارتفاع المخزون الإيراني عن القدر المسموح، الأمر الذي يمكنها بسهولة من صنع أسلحة نووية.
مسار البلوتونيوم
كانت إيران تعمل على بناء منشأة تعمل بالماء الثقيل بالقرب من مدينة آراك، ويحتوي الوقود المستنفد من مفاعل الماء الثقيل على بلوتونيوم يمكن استخدامه في صناعة قنبلة نووية.
وفي بادئ الأمر، أرادت الدول الكبرى تفكيك منشأة آراك بسبب مخاطر الانتشار، ووفقا لاتفاق نووي مؤقت جرى التوصل إليه في نوفمبر عام 2013، وافقت إيران على عدم تشغيل المفاعل أو تغذيته بالوقود.
ووافقت إيران على إعادة تصميم المفاعل حتى لا يمكنه إنتاج بلوتونيوم بمستويات تسمح بإنتاج أسلحة، وقالت إنها سترسل جميع كميات الوقود المستنفد خارج البلاد.
وقال مسؤولون إيرانيون حينها إنهم سينقلون معظم الإنتاج المتوقع لمنشأة آراك من الماء الثقيل، الذي يقدر بـ20 ألف طن، إلى دولة أخرى عبر الولايات المتحدة.
وبينما أجاز الاتفاق النووي تصدير الماء الثقيل لمنع ارتفاع المخزون الإيراني منه عن القدر المسموح، وهو 130 طنا، احتفظت إيران بنحو 6 أطنان لتصنيع نظائر طبية.
لكن روحاني هدد بخرق هذه الخطة التي وافقت عليها إيران، حتى قبل توقيع الاتفاق النووي، ولوح بالبدء في تطوير مفاعل آراك للمياه الثقيلة.
وينص الاتفاق النووي على عدم السماح لإيران ببناء مفاعلات إضافية بالماء الثقيل أو تخزين أي كميات إضافية من الماء الثقيل لمدة 15 عاما.
ورغم كل ذلك، يرى خبراء أن التهديد الأميركي أقرب إلى شراء الوقت، من خلال خطوات واقعة أصلا، فما أعلنه الرئيس الإيراني هو نفس ما فرضت عليه الولايات المتحدة حظرا قبل أيام.
فالولايات المتحدة كانت أعلنت، في 4 مايو، أنها ستبدأ فرض عقوبات على الصادرات الإيرانية من الماء الثقيل واليورانيوم المخصب.