أمام حشد من أنصاره، جاء خطاب الرئيس التركي رجب طيب أردوغان في وقت مبكر من صباح الأول من أبريل غير عادٍ، حيث حمل "النصر والهزيمة" في وقت واحد.
فبينما كان الرئيس يلوح بعلامة النصر في ختام الانتخابات المحلية بشكل عام، كانت العاصمة أنقرة التي تضم مقر حزبه قد خرجت للتو من عباءة حزبه إلى حضن أكبر أحزاب المعارضة.
وفي حديثه من شرفة مقر الحزب في أنقرة، حيث اعتاد إعلان النصر لسنوات طويلة، قال أردوغان إنه وحلفاءه تصدروا السباق، لكنه في ذات الوقت اعترف بالهزيمة في المدن الكبرى، قائلا إن الحزب سيعمل على فهم وإصلاح مواطن الإخفاق.
ووفقا للنتائج غير الرسمية، خسر الحزب الحاكم العاصمة أنقرة، وقال رئيس هيئة الانتخابات التركية إن المعارضة تتصدر أيضا السباق في إسطنبول، في ضربة قوية لهيمنة حزب أردوغان على أكبر مدينتين تركيتين.
واكتسبت هذه الانتخابات أهمية كبيرة، حيث ينظر لها على نطاق واسع بمثابة اختبار لشعبية أردوغان في البلد الذي يبلغ عدد سكانه 82 مليون نسمة ركودا اقتصاديا مروعا، في ظل ارتفاع معدلات التضخم وزيادة أسعار المواد الغذائية ومعدلات البطالة.
وأدلى الناخبون في المدن الكبرى بأصواتهم في 4 صناديق اقتراع، لمنصب رئيس بلدية العاصمة ورئيس المقاطعة والجمعية البلدية ومسؤول الحي.
ويمثل فوز حزب المعارضة الرئيسي بالسباق على منصب عمدة العاصمة في أنقرة تحولا كبيرا، حيث سيطر حزب العدالة والتنمية الذي يرأسه أردوغان، وسلفه حزب الرفاه على الانتخابات البلدية لنحو 25 عاما.
ووفقا للنتائج غير الرسمية التي نشرتها وكالة أنباء الأناضول، حصل منصور يافاس، مرشح حزب الشعب الجمهوري العلماني، على المركز الأول في أنقرة، بينما احتفظ العدالة والتنمية بأغلبية 25 منطقة في العاصمة.
أما في إسطنبول، أكبر مدن البلاد ورمزها الاقتصادي وصاحبة الثقل السكاني، يشكل مقعد رئيس البلدية في المدينة التي يبلغ عدد سكانها 15 مليون نسمة أهمية كبيرة، حيث بدأ أردوغان صعوده للسلطة عام 1994.
وعرض رئيس اللجنة العليا للانتخابات في تركيا سعدي غوفن، نتائج الانتخابات البلدية غير النهائية في مدينة إسطنبول بعد فرز 31 ألفا و102 من الصناديق الانتخابية.
وقال غوفن في مؤتمر صحفي من أمام مقر اللجنة بالعاصمة أنقرة، الاثنين، إن مرشح حزب الشعب الجمهوري لبلدية إسطنبول أكرم إمام أوغلو، حصل على 4 ملايين و159 ألفا و650 صوتا، مقابل حصول مرشح حزب العدالة والتنمية بن علي يلدريم على 4 ملايين و131 ألفا و761 صوتا، وأضاف أنه سيأخذ الاعتراضات في الاعتبار.
وكان هناك أكثر من 57 مليون ناخب مؤهل سيدلون بأصواتهم في 200 ألف مركز اقتراع بأنحاء البلاد لاختيار رؤساء بلديات 30 مدينة حضرية كبرى، و51 مدينة صغرى (بلدية)، و922 مقاطعة.
ورغم الهزائم التاريخية في المدن الكبرى مثل أنقرة وإسطنبول وإزمير وأنطاليا وأضنة، لا يزال حزب أردوغان يتصدر القائمة في عموم تركيا، لكن مع الوضع في الاعتبار التحالف القائم بينه والحزب القومي، ليتمكنا معا من الحصول على أكثر من نصف الأصوات في جمبع أنحاء البلاد.
أما في المحافظات ذات الغالبية الكردية، التي يعاني السكان فيها سياسات قمعية من جانب السلطة، فقد خسر فيها الحزب الحاكم 7 بلديات.
وجاءت المشاركة الواسعة من الأتراك في الانتخابات كعلامة على مدى الاهتمام والوعي السياسي، حيث وصلت نسبة المشاركة إلى 84 بالمئة.
واعتبر محللون هذه المشاركة بمثابة رغبة شعبية جماعية لمعاقبة الحزب الحاكم على سياساته الاقتصادية والأمنية، بعد أن كان الفوز بأغلبية مريحة مضمونا له في السابق.