يواصل المرشحون لمنصب رئيس بلدية إسطنبول، التقدم بمشاريعهم الجديدة مستبقين الانتخابات التي تجرى الأحد، إلا أن خبراء وناشطين يحذرون من أن البناء دون تدقيق، يمثل خطرا على بيئة وسكان اكبر مدينة تركية ومركزها المالي.
وتمثل رئاسة بلدية إسطنبول منصبا مهما بالنسبة للرئيس التركي رجب طيب أردوغان، الذي بدأ رحلة صعوده للسلطة عندما انتخب لرئاسة بلدية هذه المدينة في عام 1994.
ورشح حزب العدالة والتنمية، رئيس الوزراء السابق، بن علي يلدريم لهذا المنصب، حيث يواجه خصما قويا يتمثل بمرشح حزب الشعب الجمهوري المعارض، أكرم إمام أوغلو.
وتواجه إسطنبول التي يصل تعداد سكانها لحوالي 18 مليون نسمة، صعوبات كثيرة تتمثل بآثار طفرة الإسكان والبنية التحتية، في الوقت الذي تختفي فيه المساحات الخضراء مع الزحف العمراني غير المدروس، فضلا عن خطر حدوث زلزال كبير مدمر.
ونقل موقع "أحوال" التركي عن رئيس غرفة المهندسين المعماريين في إسطنبول، إرسين كومين، قوله إن اهتمام الناس انصب على وظائف قطاع البناء فقط عند مناقشة الحكومة المحلية، بينما تم تجاهل زيادة مستويات المعيشة في المناطق الحضرية، وهي مسؤولية كبرى تقع على عاتق البلديات.
وأضاف: "ينبغي على المجالس البلدية ومجالس المواطنين ومنظمات المجتمع المدني والمنظمات المهنية تطوير ثقافة العمل المشترك".
من جانبه، أكد رئيس غرفة مهندسي البناء في إسطنبول، نصرت سونا، على أهمية النهج التشاركي الذي يسمح للمقيمين والمنظمات المهنية أن يكون لها دور في صنع القرار.
وأوضح سونا: "يجب إعداد دستور حضري يشمل المهام قصيرة وطويلة الأجل"، مضيفا أن مشاريع التحول الحضري في إسطنبول، والتي سعت إلى دفع النمو الحضري وتعزيز قطاعي البناء والعقارات، تم تنفيذها بشكل أساسي في المناطق التي وعدت بأرباح ضخمة من زيادة أسعار المساكن وأغفلت الضغوط المتزايدة على حركة المرور، لأن عدد السكان في تلك المناطق زاد بنسبة 30 إلى 40 في المئة.
وتابع: "ينشأون مناطق سكنية دون حل مشكلة النقل، ودون تحديد الطرق الرئيسة. يجب أن توضع خطط للنقل هناك للسنوات العشر أو العشرين المقبلة. أنا آسف أن أقول ذلك، ولكن المرشحين على الجانبين يفتقرون إلى المشروعات التي من شأنها حل مشاكل النقل والمرور".
وقدمت مشروعات التحول الحضري للسكان كوسيلة لتعزيز مخزون المساكن في مواجهة أي زلزال كبير، إلا أن خبراء يعتقدون أن الحكومات المحلية تجاهلت هذا التحذير وبنيت على مناطق تم تخصيصها كنقاط تجمع في حالة وقوع كوارث.
تجاهل حكومي
وأسفر زلزال كبير ضرب شرق إسطنبول عام 1999 عن مصرع حوالي 17 ألف شخص، وبحسب سونا فإن لجنة التنسيق في إسطنبول حددت 476 منطقة تجمع بعد الزلزال ونحو 500 طريق للهروب في الفترة بين عامي 2000 و2003، مبينا أن البلدية تستخدم بعض هذه المناطق كمواقف للسيارات.
وبيّن سونا: "في مدينة يبلغ عدد سكانها نحو 20 مليون نسمة، لا يوجد سوى 90 منطقة تجمع. تم إعداد خطة رئيسة من 1350 صفحة في حال وقوع زلزال، وتضمنت توصيات بشأن كيفية إعداد الناس نفسيا لأي زلزال وكيفية تقوية المباني. لقد دعينا السلطات بصوت مرتفع لتنفيذ تلك الخطة، لكن لم يسمع أحد صوتنا".
حلم أردوغان المدمر
ويمثل بناء قناة بطول 45 كيلومترا وعرض 400 مترا ستربط بين البحر الأسود وبحر إيجة وتسير بمحاذاة مضيق البوسفور، حلم أردوغان الرئيسي لإسطنبول، إلا أن المدافعين على البيئة يؤكدون على عواقب وخيمة مترتبة على المشروع.
فوفقا لكويمن فإن قناة إسطنبول والمطار الجديد يهددان بتدمير الغابات في الجزء الشمالي من المدينة، مشيرا إلى أنه إذا لم يتم الإعلان عن المسار النهائي للقناة ولا الخطط المتعلقة بكيفية إزالة الأرض التي تم حفرها، فإن مشروعات الإسكان الجديدة التي سيتم تشييدها حول القناة ستمحو الأرض الزراعية المتبقية.
وأردف: "سيدمر مشروع القناة النظم الإيكولوجية على الأرض وفي البحر، ويجبر القرويين الذين يعيشون في المناطق القريبة على الهجرة لأماكن أخرى".
وبدورها تخشى الناشطة في مبادرة الدفاع عن الغابات الشمالية، عائشة يكيجي، من القضاء على آخر المناطق الخضراء المتبقية في إسطنبول، مضيفة "في الآونة الأخيرة، وافق المجلس البلدي على خطط لبناء استوديو سينمائي عملاق في الغابات الشمالية".
وحول التهديدات البيئية المرتبطة بالمشاريع الحكومية، قالت يكيجي: "هناك العديد من المحاجر والمناجم الحجرية في الغابات الشمالية، والتي تواصل العمل على الرغم من أوامر المحكمة. وفي الآونة الأخيرة، ثمة مشروع آخر قيد المناقشة، وهو مشروع نفق من ثلاثة طوابق".