من المقرر أن يصدر قضاة الاستئناف في محكمة الجنايات الدولية الخاصة في لاهاي، اليوم الأربعاء، حكمها النهائي بحق "سفاح البوسنة، رادوفان كاراديتش، ليسدل الستار على واحدة من أبرز المعارك القانونية البارزة الناجمة عن حروب البلقان في التسعينيات التي شهدت انهيار يوغوسلافيا السابقة.
وحُكم على كاراديتش (73 عاما) بالسجن 40 عاما في عام 2016 بعد إدانته بارتكاب جريمة الإبادة الجماعية في مذبحة سربرينيتشا، التي وقعت في يوليو 1995، والتي راح ضحيتها أكثر من 8000 رجل وصبي مسلم على أيدي القوات الصربية البوسنية.
كما أدين كاراديتش بارتكاب جرائم حرب وجرائم ضد الإنسانية لكونه العقل المدبر السياسي وراء حملة التطهير العرقي، التي شهدت طرد الكروات والمسلمين من مناطق الصرب في البوسنة (1992-1995)، وفقا لرويترز.
ويسعى الادعاء إلى إصدار حكم بالسجن المؤبد وإدانة ثانية بالإبادة الجماعية لدوره في استهداف غير الصرب في جميع أنحاء البوسنة في السنوات الأولى من الحرب.
وسيكون هذا الحكم نهائي وغير قابل للاستئناف، وتترقبه دول يوغسلافيا السابقة، خاصة في البوسنة، حيث لا تزال الجماعات العرقية منقسمة ولا يزال كاراديتش ينظر إليه كبطل من قبل العديد من الصرب البوسنيين.
من جانبها، قالت المؤرخة في جامعة أوترخت، إيفا فوكوسيتش: "قضية كاراديتش هي واحدة من أكبر وأطول الحالات أهمية التي نظرت فيها المحاكم الدولية في أعقاب الحرب ".
وأضافت أنها لا ترى الكثير من الأسباب لإعادة المحاكمة أو تغييرات مهمة في الحكم السابق.
وأثناء الجريمة البشعة، التي ارتكبها الإرهابي الأسترالي، برينتون تارانت (28 عاما)، على مسجدين في مدينة كرايست تشيريش بنيوزيلندا، وأسفرت عن مقتل أكثر من 50 شخصا وإصابة العشرات بجروح، عاد اسم "سفاح البوسنة" إلى الواجهة من جديد.
وحين كان الإرهابي الأسترالي يقود سيارته إلى المسجد الأول كان يستمع إلى أغنية تمجد كاراديتش.
كاراديتش في سطور
يذكر أن المحكمة الجنائية الدولية ليوغوسلافيا السابقة، التي تأسست عام 1993 في لاهاي للتعامل مع الجرائم الكبرى في الحروب اليوغوسلافية، اتهمت ملاديتش ورئيسه السياسي رادوفان كاراديتش عام 1995 بعد "مذبحة سريبرينيتسا".
وقال قضاة المحاكمة إن كاراديتش كان له دور فعال في حملة القصف والقنص ضد المدنيين خلال حصار دام 44 شهرا على سراييفو، وأرهب سكان العاصمة البوسنية.
وتضمنت الحملة المناهضة للكروات والمسلمين إنشاء نظام لمعسكرات الاعتقال، حيث احتجز غير الصربيين في ظروف غير إنسانية، وتعرضوا للضرب والتعذيب والاعتداء الجنسي، وفقا لقضاة المحاكمة.
وتم اعتقال كاراديتش في حافلة قرب عاصمة صربيا، بلغراد، في عام 2008 بعد مطاردة استمرت أكثر من عقد من الزمان، حيث كان يحمل أوراقا وبطاقة هوية مزيفة.
وتبين فيما بعد أن كاراديتش كان يعمل في عيادة خاصة متخفيا تحت شعر أبيض ولحية بيضاء كثيفة وطويلة، ويحمل أوراقا ثبوتية مزورة ويعيش حياة شبه طبيعية، مدعيا أنه رجل غير صربي ويعمل في مجال الطب البديل مستفيدا من خلفيته الطبية ويتنقل تحت اسم دراغان بابيتش.
وخضع كاراديتش للتحقيق أمام قاض صربي عقب اعتقاله، ومثل أمام محكمة جرائم الحرب في لاهاي في 16 أكتوبر 2012، التي بدأت محاكمته بتهم ارتكاب جرائم ضد الإنسانية خلال حرب البوسنة.
وواجه كاراديتش في هذه المحاكمة 14 اتهاما بجرائم ارتكبت ضد الإنسانية خلال الحرب البوسنية؛ من بينها مذبحة سربرينيتشا الشهيرة، والتي راح ضحيتها الآلاف من مسلمي البوسنة، وترحيل عشرات الآلاف من الكروات في عملية تطهير عرقي لإقامة دولة صربية في البوسنة، حتى صدر حكما بسجنه 40 عاما قبل أن يستأنفه.