من يعرف إيران قبل ثورة 1979 وبعدها يمكنه أن يحكم على كيفية تغيرها، وما إذا كان هذا التغير إيجابيا أما سلبيا، بحسب ما يكشف تقرير نشرته صحيفة لوس أنجلوس تايمز الأميركية.
بدأت تحركات المعارضة في إيران منذ عام 1975، غير أن الاحتجاجات الشعبية الفعلية بدأت في الشوارع في سبتمبر 1978، عندما وقعت اشتباكات بين مختلف فئات وأصول الشعب الإيراني مع القوات المسلحة في شوارع العاصمة طهران، الأمر الذي أدى إلى مقتل المئات من الإيرانيين.
وفي أواخر يناير 1979، وبعد سلسلة من الاحتجاجات والمظاهرات التي اتسمت بالعنف والدموية، اضطر الشاه محمد رضا بهلوي إلى الفرار خارج البلاد وتوجه إلى مصر.
فالشاه قلل من دور الإسلام في الحياة العامة واستخدم جهاز الأمن الداخلي، المشهور باسم السافاك، في قمع المعارضين والزج بهم في السجون وتعذيبهم.
وفي الأول من فبراير من العام نفسه، عاد الخميني من منفاه في باريس إلى العاصمة طهران، وضم اليساريون قواهم مع الشيعة المحافظين بهدف تفكيك النظام الملكي وطمس آثار الملكية.
غير أن الخميني، الذي هيمن على البلاد في نهاية المطاف، ساهم في إنهاء النظام الملكي العلماني الحليف للغرب والموالي للولايات المتحدة في يونيو 1979 وإحلال النظام الديني المتشدد محله.
وعلى مدى العقود الأربعة الماضية، تم انتخاب العديد ممن يوصفون بأنهم "سياسيين إصلاحيين" لحكم إيران، لكن في الوقت نفسه، وفي السنوات الأخيرة، ازداد المحافظون والمتشددون تشددا وأصبحوا يخشون أكثر من التأثير الغربي في بلادهم، وبالنتيجة قمعوا الأشخاص الذين وسموهم بأنهم "أعداء الدولة".
الحريات الاجتماعية
في بدايات النظام الديني في إيران، عارض الحكم الجديد أي شيء اعتبره غربيا، وفقدت النساء الحق لتطليق أزواجهن، وأصبح لزاما عليهن ارتداء الحجاب في الأماكن العامة.
أما على صعيد النشاط السياسي، ففي العام 2018 وحده، اعتقل النظام الحاكم، الذي يقوده رجل يوصف بأنه إصلاحي، هو حسن روحاني، أكثر من 7000 ناشط سياسي ومنتقد للنظام، وفقا لتقرير صدر الأسبوع الماضي عن منظمة العفو الدولية.
ووفقا لتقارير، فقد شارك أكثر من نصف هؤلاء المعتقلين في احتجاجات مناهضة للحكومة اجتاحت إيران عامي 2017 و2018.
وقال مدير الأبحاث في منظمة العفو الدولية في الشرق الأوسط وشمال أفريقيا، فيليب لوثر، إن "حجم الاعتقالات وحالات السجن وأحكام الجلد تكشف عن مدى التطرف الذي سلكته السلطات في قمع المتظاهرين السلميين".
السكان
يتجه سكان إيران أكثر نحو الشيخوخة، مع وجود نسبة أقل بكثير من الشباب مما كان عليه قبل الثورة، والسبب في ذلك هو عدم الاستقرار الاقتصادي وارتفاع معدلات البطالة الأمر الذي دفع الكثير من الشباب إلى الامتناع عن تأسيس أسر أكبر عددا.
وفيما يتجه المجتمع أكثر وأسرع نحو الشيخوخة، يحث المرشد الإيراني علي خامنئي النساء على إنجاب المزيد من الأطفال، طالبا زيادة تعداد البلاد إلى 150 مليون نسمة.
لكن وفقا لتقارير صادرة عن الأمم المتحدة، فإنه يتوقع أن يرتفع متوسط عمر السكان في إيران من 27 عاما إلى 40 عاما بحلول العام 2030، مع العلم أنه في العام 1977، أي قبل الثورة، كان حوالي 44 بالمئة من السكان يبلغون من العمر 25 أو أقل.
لكن مع تشجيع النظام الجديد السكان على الإنجاب، تضاعف عدد السكان خلال الفترة من 1968 – 1978 ليصل إلى 55 مليون نسمة، وفقا لبيانات الأمم المتحدة.
غير أن النظام عاد لاحقا محاولا عكس هذا التوجه من خلال تطبيق سياسة تحديد نسل مشددة، الأمر الذي أدى إلى انخفاض سريع في معدل الخصوبة ترافق مع اضطراب اقتصادي، ما أدى إلى جعل المستقبل أكثر قتامة.
اقتصاد
في سبعينيات القرن الماضي وخلال عهد الشاه، كان توزيع الثروة النفطية في إيران غير متكافئ، الأمر الذي ألحق ضررا بالطبقة الوسطى والفقراء على السواء، وجنت النخبة في جني ثمار تلك الثروة.
ومع مجيء الثورة في عام 1979، سعى القائمون عليها إلى توزيع الثروة بهدف "معلن" هو الوصول إلى الفقراء والمحرومين، فعمدت إلى تعطيل الأنماط التجارية والاستثمار، وقامت بتأميم البنوك وشركات التأمين.
ومع اندلاع الحرب الإيرانية العراقية في الثمانينات من القرن العشرين، تفاقمت المشاكل والأوضاع الاقتصادية بسبب التكاليف المرتفعة للحرب، كما انتشر الفساد وسوء الإدارة.
أما حاليا، فلا يزال سوء الإدارة والفساد الاقتصادي ينخران إيران، كما ابتلى الاقتصاد بالبطالة، حيث يزيد معدلها حاليا على 12 بالمئة، بحسب أرقام مركز الإحصاء الإيراني، مع العلم أن أكثر من 25 بالمئة من خريجي الجامعات هم في عداد العاطلين عن العمل.
وعلى الرغم من ارتفاع معدلات القراءة والكتابة ومحو الأمية، خصوصا بين النساء، اللواتي يشكلن نحو 60 بالمئة من الطلاب في الجامعات، فإن مشاركة المرأة في القوى العاملة لا تزيد على 17 بالمئة فقط.
بيئة
كانت البيئة من أكثر القطاعات تضررا في إيران بعد الثورة، إذ جفت بحيرات واختفت أخرى وأصبحت الحياة البرية مهدد أكثر من أي وقت مضى.
وساهم في هذا التردي البيئي سعي المسؤولين الحكوميين خلال العقود الأربعة الماضية لتحقيق الاكتفاء الذاتي من الغذاء، لكن من محاولة دون إصلاح القطاع الزراعي غير الكفء في البلاد، الأمر الذي فاقم من أزمة المياه في إيران، بالإضافة إلى تضاؤل الموارد الطبيعية وسوء إدارة الحكومة، الأمر الذى أدى إلى انتشار احتجاجات في غربي البلاد عام 2017.
وبسبب تردي البيئة في البلاد في السنوات الأخيرة، أصبحت القضايا البيئية مسيسة، وتم اعتقال العديد من دعاة حماية البيئة، خصوصا في العام 2018، واتهموا بالتشكيك في السياسات الزراعية للحكومة.
بالإضافة إلى ذلك، فإن تلوث الهواء في إيران يعد مصدر قلق متزايد، إذ يشير تقرير للبنك الدولي صدر عام 2016، إلى أن نوعية الهواء في إيران هي بين الأسوأ في العالم.