رغم اقتراب الأوضاع السياسية في فنزويلا من الانقلاب، بالتولي المحتمل لرئيس مقرب من الولايات المتحدة مقاليد الحكم في كراكاس، فإن واشنطن لا تزال ترى أن الوجود "الإجرامي" لميليشيات حزب الله اللبناني في البلد اللاتيني قد لا ينتهي.
وكان وزير الخارجية الأميركي مايك بومبيو قال في وقت سابق، إن واشنطن تعتقد أن حزب الله غرس خلايا نشطة في فنزويلا يصعب اقتلاعها، التي تشهد أزمة سياسية واقتصادية غير مسبوقة.
وحسب مجلة "فورين بوليسي" الأميركية، فإن بومبيو انتقد "ما تقوم به إيران ضد الشعب الفنزويلي"، عبر أداتها الميليشياوية، حزب الله، الذي يعتمد على طهران في التدريب والتمويل.
ووجود حزب الله في أميركا اللاتينية ليس بالأمر الجديد، لا سيما في نقطة حدودية شبه خارجة عن سيطرة القانون، بين كل من البرازيل وباراغواي والأرجنتين.
وفي فنزويلا، حرص حزب الله لمدة طويلة على إنشاء بنية تحتية واسعة، حتى يستطيع ممارسة أنشطته الإجرامية مثل تهريب البشر والمخدرات وغسل الأموال، وفي جزيرة مارغريتا قبالة سواحل فنزويلا على سبيل المثال، استطاع عناصر من حزب الله أن ينشئوا معقلا محصنا لهم.
وفي المقابل، حرص نظام الرئيس الفنزويلي الراحل هوغو تشافيز، على ضمان ملجأ لمؤيدي حزب الله، الذي تحتضنه بعض الدول المناوئة لواشنطن بذريعة كونه "تيارا ممانعا" لـ"الهيمنة الإمبريالية".
وترى "فورين بوليسي"، أنه من الصعب أن تتغير العلاقة المعقدة بين فنزويلا وحزب الله اللبناني، سواء سقط النظام الحالي للرئيس نيكولاس مادورو، أو فشلت خطط زعيم المعارضة خوان غوايدو الذي أعلن نفسه رئيسا مؤقتا للبلاد، وحصل على دعم غربي غير مسبوق.
ويجر حزب الله تاريخا طويلا في فنزويلا، وتمكن عناصر هذه الميليشيات من تأسيس شبكة لتهريب الكوكايين منذ العقد الماضي، اعتمادا بشكل أساسي على رجل الأعمال اللبناني المرتبط بالميليشيات، شكري حرب.
وتحول حرب إلى شخصية بارزة في تهريب المخدرات وغسيل الأموال، وعرفُ بلقب "طالبان"، كما استخدم كلا من بنما وفنزويلا بمثابة نقطتين مهمتين في مختلف عمليات تهريب المخدرات من كولومبيا إلى الولايات المتحدة والشرق الأوسط وأوروبا.
ويحصل حزب الله اللبناني على نسبة تتراوح بين 8 و14 بالمئة من الأرباح التي تجنيها الشبكات الإجرامية المذكورة في أميركا الجنوبية، ويعتمد على المتعاطفين معه في الخارج حتى يضعف قدرة الأجهزة الغربية على تعقب معاملاته المالية.
ويستفيد حزب الله من الفساد المستشري وسط حرس الحدود في فنزويلا، وبالتالي، فإن محاربة التنظيم تبدو صعبة ما لم يحصل تغيير سياسي محوري في البلد اللاتيني.
سيناريو غوايدو
وبما أن سؤالا يطرح اليوم حول ما ستؤول إليه الأمور إذا سقط مادورو واستطاع غوايدو أن يتولى الأمور بشكل رسمي في البلاد، بعدما حصل على اعتراف الولايات المتحدة وعواصم أخرى في أميركا الجنوبية وأوروبا الغربية، فإن السؤال يشمل أيضا مصير النشاط الإجرامي لميليشيات حزب الله في فنزويلا.
وتقول "فورين بوليسي" إن الحكومة المفترضة لغوايدو ستؤثر لا محالة على وجود حزب الله في البلد، لا سيما أن واشنطن تراهن على سقوط مادورو لتقليم أظافر إيران في فنزويلا وطرد حزب الله.
لكن النوايا تختلف عن الواقع، فحتى وإن أكد غوايدو نيته التصدي لحزب الله مستقبلا، ستجد البلاد نفسها أمام حالة من الانهيار تستوجب عملية كبرى لإعادة البناء، وبالتالي، فإن الحكومة الفنزويلية المحتملة إذا سقط مادورو قد لا تضع إزاحة حزب الله اللبناني في صدارة الأولويات.
كما أن تعقيد شبكة العلاقات التي رسمتها الميليشيات في فنزويلا تحديدا، وأميركا اللاتينية بشكل عام، يعقد من مهمة تتبع أنشطة حزب الله في القارة، وتعقب الأموال التي تصل أرصدته عبر وسطاء يصعب تعقبهم.