اعترفت إيران رسميا بأنها لم تتخل عن تخصيب اليورانيوم عند مستويات 20 بالمئة كما جاء في الاتفاق النووي، قائلة إن حكومات أوروبية "تعرف ذلك لكنها تريد إقناع شعوبها بأنها فعلت شيئا"، لتثبت طهران بذلك أن الاتفاق النووي كان حبرا على ورق.
ففي تصريحات نقلتها وكالة "تسنيم" الإيرانية الرسمية، أعلن رئيس منظمة الطاقة الذرية علي أكبر صالحي إن بلاده قادرة على استئناف عملية تخصيب اليورانيوم بنسبة 20 بالمائة خلال 3 أو 4 أيام.
ويعني استئناف عمليات التخصيب في غضون 4 أيام أن الاتفاق النووي لم ينجح في إجبار طهران على وقف تخصيب اليورانيوم، وأن الاستجابة الإيرانية كانت عبارة عن تعليق شكلي من أجل إنجاز الصفقة.
وأكد صالحي ذلك بقوله: "بطبيعة الحال فإن العودة إلى السابق ليست تعبيرا صحيحا، فهذا يعنى أننا فقدنا شيئا ونريد استرجاعه، بل إننا وافقنا على بعض القيود التي لا تأثير لها على صناعتنا النووية، لأننا لازلنا نواصل عملية التخصيب مع فارق أننا كنا نقوم بعملية التخصيب بنسبة 4 أو 20 بالمائة، إلا أننا نقوم حاليا بنسبة 3.67 بالمائة لعملية التخصيب، وقبلنا بوقف التخصيب بنسبة 20 بالمائة لفترة محددة".
وحذر صالحي الأوروبيين إذا خضعوا للعقوبات الأميركية المفروضة على إيران، قائلا: "لو أردنا فإننا قادرون على زيادة نسبة التخصيب على وجه السرعة".
وأضاف أن إيران لا تزال تملك احتياطيا من اليورانيوم المخصب بنسبة 20 في المئة "يكفينا لعدة أعوام، وحتى لو قمنا بإنتاجه فإن علينا تخزينه".
وتثبت هذه التصريحات الشكوك الدولية بشأن التزام إيران بالاتفاق الذي وقعت عليه مع القوى الكبرى عام 2015، لكنها استغلت رفع العقوبات عنها بموجبه فيما بعد، وسعت لتوسيع نفوذها العسكري في الشرق الأوسط عبر برامج صواريخ محظورة وتمويل ودعم الميليشيات المسلحة في دول الجوار.
ويهدف الاتفاق النووي، الذي وقعت عليه الولايات المتحدة وفرنسا وبريطانيا وألمانيا والصين وروسيا وإيران في العاصمة النمساوية فيينا ونص على رفع العقوبات عن طهران مقابل الحد من برنامجها النووي، إلى منع النظام الإيراني من امتلاك قنبلة نووية.
ويقول الرئيس الاميركي دونالد ترامب إن الاتفاق النووي أخفق في وقف برنامج الصواريخ الباليستية الإيراني، ووقف أنشطتها النووية بعد عام 2025، ومنعها من التدخل في حربي اليمن وسوريا.
وانسحب الرئيس الأميركي من الاتفاق في مايو عام 2018، وأعاد فرض عقوبات اقتصادية شملت قطاعات النفط والمصارف والصناعة والتعدين والشحن، مما عمق من الأزمة الاقتصادية التي تعيشها طهران بسبب إهدار الموارد على حروب الوكالة الخارجية.
ويواجه النظام الإيراني غضبا شعبيا متصاعدا عبرت عنه مظاهرات احتجاجية شبه يومية منذ أواخر عام 2017، نتيحة تردي الأحوال المعيشية والفساد وإهدار المال العام، فيما بدا أن البرنامج النووي الذي استخدمه النظام في الدعاية الداخلية لم يعد مقنعا لعشرات الملايين من الإيرانيين الذين يعيشون تحت خط الفقر.
وحاول الاتحاد الأوروبي تحييد العقوبات الأميركية بإجراءات منها مد خطوط مالية معظم تعاملاتها باليورو، وسن قانون يجرم التزام المواطنين الأوروبيين بالعقوبات الأميركية، لكن هذه الإجراءات لم تطمئن الشركات بأنها ستحظى بحماية من غرامات أميركية أو من مخاطر محتملة على أنشطتها بالولايات المتحدة في حال استمرارها داخل إيران.