كان من المفترض ألا تغادر الطائرة التابعة لشركة "ليون إير" التي أقلعت من العاصمة الإندونيسية جاكرتا في 29 أكتوبر الماضي. ففي رحلتها السابقة، أعطت قراءات غير صحيحة للسرعة والارتفاع.
وذكرت صحيفة "نيويورك تايمز" الأميركية أن عملية سقوط الطائرة في البحر قبالة إندونيسيا استغرقت 12 دقيقة. وانقطع الاتصال مع الطائرة، وهي من طراز بوينغ 737 ماكس، بعد 13 دقيقة من إقلاعها في طريقها إلى بلدة بانجكال بينانج.
ومن غير الواضح ما إذا كان طيارو الطائرة المنكوبة على علم بأن الطائرة غير مؤهلة للطيران. هم على أية حال أقلعوا في الساعة 6:20 صباحا.
لكنهم سرعان ما تلقوا على الفور الإشارة الأولى بأن هناك مشكلة ما، تحديدا عندما بدأ "عصا" التحكم بالاهتزاز بصوت عال، مما ينذر بأن المحرك سيتوقف عن العمل، وقد تتعطل الطائرة.
استمرت الطائرة في محاولات الاستقرار، لكن الطيارين لم يتمكنوا من المعرفة الصحيحة لمستويات الارتفاع أو السرعة الجوية، وطلبوا من التحكم في حركة المرور الجوية المساعدة. وسجل اثنان من أجهزة الاستشعار الحرجة قراءات مختلفة بين الطيار ومساعد الطيار.
ثم هبطت الطائرة لأكثر من 700 قدم، مما زاد من الارتباك داخل قمرة القيادة. يقول الطيار والمتحدث باسم اتحاد الطيارين المتحالفيين دنيس تاجر لصحيفة نيويورك تايمز: ""تهاوي الطائرة بعد الإقلاع غريبا، وليس طبيعيا".
ثم حدث شيء ينذر بالخطر: لقد أجبر نظام الكمبيوتر مقدمة الطائرة على الانخفاض. تمكن الطيارون من استعادة الوضع، لكن مراقبي الحركة الجوية لاحظوا أن الطائرة "تعاني مشكلة ما في التحكم".
خارج الطائرة، أشارت إحدى مستشعرات زاوية هبوب الطائرة إلى أن المقدمة مرتفعة للغاية، وأن الطائرة يمكن أن تتوقف.
وحينها انطلق نظام آلي يدعى M.C.A.S، وهو نظام تفادي توقف المحركات عن العمل، دفع مقدمة الطائرة على الانخفاض، بينما ارتفع ذيلها.
من المحتمل أن الطيارين لم يكونوا على دراية بهذا النظام الأوتوماتيكي، وهو إضافة جديدة لطائرات بوينغ 737 التي لم يطلع عليها العديد من الطيارين. لكنهم استجابوا له عن طريق نقل المثبتات في الاتجاه المعاكس، في محاولة لرفع المقدمة الاحتياطية للطائرة.
خلق هذا النظام حربا من السحب بين الطائرة والطيارين، كانت نتيجتها تأرجح الطائرة أكثر من 20 مرة، تتغير وضع المقدمة فيها بين الارتفاع والانخفاض.
وفي محاولة للتعامل مع هذا النظام الجديد، قام الطيارون مرارا وتكرارا بالضغط على مفتاح التثبيط الكهربائي لرفع مقدمة الطائرة. لكن ذلك كان مجرد إصلاح مؤقت، فبعد حوالي 10 ثوان، عاود هذا النظام الآلي الظهور.
ولإنقاذ الطائرة، ربما كان على الطيارين القيام بالآتي: تعطيل النظام التلقائي عن طريق قلب مفتاحين في وحدة التحكم الوسطى، وإيقاف التحكم الكهربائي في المثبتات، ثم التدوير اليدوي للعجلة على يمين الطائرة.
تقول بوينغ إن هناك إجراءات لإيقاف هذا النظام إذا بدأ في العمل بصورة عارضة، وإن طياري الرحلة قبل الأخيرة اتبعوا تلك الإجراءات، لكن لم يشار إلى ما إذا كان طيارو الرحلة المنكوبة اتبعوا تلك الإجراءات.
من المحتمل أن الطيارين لم يكتشفوا أبدا أن نظام بوينغ الجديد كان يعمل ضدهم. يقول تاجر: "بالتأكيد، من السهل أن نقول ما كان عليهم سوى النظر إلى أسفل، فهم لم يتمكنوا من التحكم في توازن الطائرة. يسهل قول ذلك من مكتب أو من حجرة. لكن الوضع في قمرة القيادة مختلف، حيث آلاف الأقدام والتنبيهات فوق المحيط".
في الدقيقة الأخيرة من الرحلة، أصبحت الأمور محمومة. قال مساعد الطيار لمراقبة الحركة الجوية أنه يريد أن يغير من طريقه "بسبب الطقس"، وربما من السحب التي قد سدت الرؤية. بينما قال قائد الطائرة إن جميع أدوات الطائرة تشير الى ارتفاعات مختلفة.
يذكر أن تحطم الطائرة في بحر جاوة أدى إلى مقتل كل من كانوا على متنها، وعددهم 189 شخصا.