يحاول نظام الملالي في إيران أن يمنع تأثير العقوبات الأميركية عليه، من خلال استغلال مخاوف المجمتع الدولي وتحديدا الغرب بشأن عدد من القضايا كالإرهاب واللاجئين وتجارة المخدرات، وظهر ذلك جليا في التصريحات الأخيرة للرئيس الإيراني حسن روحاني.
فقد أكد حذر روحاني من "طوفان مخدرات ولاجئين وقنابل وإرهاب"، إذا أضعفت العقوبات الأميركية قدرة إيران على التصدي لهذه المشكلات، على حد تعبيره.
وقال في كلمة بثها التلفزيون الحكومي: "أحذر من يفرضون هذه العقوبات، من أنه إذا تأثرت قدرة إيران على مكافحة المخدرات والإرهاب، فلن تكونوا في مأمن من طوفان من المخدرات واللاجئين والقنابل والإرهاب".
لكن تلك التحذيرات الكاذبة بات زيفها معروفا من وقت طويل، فبحسب مراقبين وتقارير دولية فإن طهران دأبت على دعم الإرهاب والميليشيات الطائفية والانقلابية في العديد من دول المنطقة لاسيما اليمن والعراق وسوريا ولبنان، ناهيك عن تورطها في العديد من العمليات الإرهابية في أوروبا وأفريقيا وأميركا اللاتننية.
وليس تهديد إيران بالإرهاب، إلا دليلا على تبعية أولئك الإرهابيين على اختلاف تسمياتهم لإيران وتلقي أوامرهم منها.
أما في قضية في المخدرات، فذلك النظام لم يتوقف يوما عن نشر تلك الآفات السامة داخل بلاده، وفي المنطقة، وصولا إلى أوروبا، ويمكن الاستدلال بذلك حتى من اعترافات رسمية وتقارير إعلامية محلية.
أرقام رسمية "مرعبة"
فقبل فترة اعترف نائب رئيس دائرة مكافحة المخدرات في إيران، علي رضا جزيني إيران أحد الممرات الأساسية لانتقال المخدرات إلى بقية بلدان العالم، إذ يستفيد نظام الملالي من موقعها بلاده الاستراتيجي وسط قارات العالم لتنشيط عمليات التهريب بين العصابات الدولية في تجارة المخدرات.
وقال جزيني في تصرحيات لوكالة الأنباء الإيرانية (إرنا)، أن "الخسائر الناتجة عن إنتاج وتعاطي المخدرات في إيران بلغت ما يقارب 3 مليارات دولار، وأن 47% من هذه الخسائر تطال المتعاطين، و24 في المئة منها خسائر تكلف الحكومة، بينما 29 بالمئة من هذه الخسائر تطال المجتمع".
ونوه إلى أن انخفاض سن المستهلكين للمخدرات في إيران إلى أقل من 15 عاماً، وأن 1 في المئة من طلبة المدارس في البلاد يتعاطون المخدرات، وأن 6.2 في المئة من طلبة كليات العلوم، و6.1 المئة من طلبة كليات الطب في البلاد يتعاطون المخدرات، وأنهم كانوا يشكلون 3 بالمئة من نسبة المدمنين فقط، ولكن الآن ارتفعت نسبتهم إلى 26 في المئة ما يبعث على القلق المتزايد".
في منتصف عام 2012، أعلنت منظمة الصحة الإيرانية أن 50 مادة جديدة تسبب الإدمان دخلت البلاد في ذلك العام فقط، علاوة على أكثر من 2000 مادة كيميائية أخرى تسبب الإدمان متاحة في السوق الإيرانية، كما أن هناك عددا من المعامل داخل إيران تقوم بتصنيع هذه المواد.
وباعتبار أن هذه أرقام رسمية ورغم فظاعتها، إلا أن الكثير من الخبراء في الشأن الإيراني يشككون فيها ويؤكدون أن الأرقام أكبر من ذلك بكثير، فعلى سبيل المثال أكدت برقية صدرت عن السفارة الأميركية في العاصمة الأذرية باكو، وسربها موقع ويكليكس، تشير إلى أن كميات الهيروين التي مصدرها إيران، والمصدرة إلى أذربيجان، ارتفعت من 20 ألف كيلوغرام في 2006، إلى 59 ألفاً في الربع الأول من 2009 وحده.
كما أكدت البرقية التي تستند إلى تقارير سرية لمحققي الأمم المتحدة المكلفين بالملف، أن أذربيجان من الطرق الرئيسة لتصدير الهيروين نحو أوروبا والغرب، مما يجعل طهران من أكبر مهربي المخدرات في العالم، وأحد أكبر منتجي الهيروين في العالم بحسب مصادر غربية، ويأتي 95 في المئة من الهيروين في أذربيجان من إيران، في حين تصدر الكمية نفسها من أذربيجان إلى السوق الأوروبية.
الحرس الثوري والمخدرات
وقبل سنوات كشفت تقارير إخبارية عن عمليات تهريب يقوم بها الحرس الثوري الإيراني مستخدماً مطار النجف لنقل المخدرات من إيران إلى العراق، ومن ثم تهريبها إلى دول الخليج العربي، ولغرض تمويل بعض أنشطته الاستخبارية والتجسسية، واستخدام مطار النجف يعود إلى أن الطائرات المدنية التابعة للحرس الثوري لا يتم تفتيشها من قبل القائمين على أمن المطار؛ لذا تسهل عمليات التهريب إلى دول الخليج عبر هذا المنفذ وعبر المنافذ الأخرى.
وفي يوليو 2005 أعلنت اللجنة الوطنية العراقية لمكافحة المخدرات أن "إيران، هي المصدر الرئيس لتصدير السموم البيضاء إلى العراق، والأردن، وسوريا، وإلى دول الخليج العربي، وبحسب تقرير اللجنة الوطنية فإن نشاط مهربي المخدرات ينحصر بثلاثة منافذ مع دول الجوار هي إيران بشكل خاص وسوريا والأردن.
وفي سبتمبر 2014، صرح محافظ ديالى العراقية، عمر الحميري، حينها، أن "90 بالمئة من المخدرات داخل المحافظة مصدرها إيران، وهذه حقيقة تقرها المؤسسة الأمنية المحلية"، مشيرا إلى أن: "الحدود المشتركة بين العراق وإيران تنشط بها عصابات محترفة تقوم بعمليات تهريب لمختلف أنواع المخدرات"، مضيفاً أن "تهريب المخدرات يمثل مؤامرة يراد منها خلق آفة تهدد المنظومة الاجتماعية، وتزيد أعباء الأمن".