يروي فيلم "بارمانو" قصة عملية سرية معقدة نفذتها الهند، من أجل إجراء اختبار السلاح النووي، بعيدا عن عيون المخابرات المركزية الأميركية، التي تراقب كل شيء فوق كوكبنا، لكنها فشلت فشلا ذريعا في الهند.
ونال العرض التشويقي للفيلم الذي يحمل اسم "parmanu" ملايين المشاهدات، وحقق إيرادات بلغت نحو 900 مليون روبية هندية.
وكان من المقرر أن يطلق الفيلم في ديسمبر 2017، لكن جرى تأجيله وأطلق على موقع "نيتفليكس" في موسم صيف 2018.
والفيلم من إخراج، أبهيشيك شارما، وبطولة جون أبراهام، وديانا بينتي، وبومان إيراني وأنوجا سات، وساهم ثلاثة مؤلفين في كتابة السيناريو.
بداية القصة
ويبدأ الفيلم بعرض كلمة "الهند 1998"، وهو العام الذي شهد إجراء نيودلهي خمس تجارب نووية، معلنة بذلك دخولها إلى النادي النووي.
وأحداث الفيلم، كما يقول المخرج مستوحاة من أحداث حقيقية، لكن مع تعديلات كثيرة، لأسباب عسكرية وأخرى تتعلق بجعله ملائما لأسلوب سينما بوليوود.
ويبدأ الفيلم قصته من عام 1995 مع طرح المهندس النووي، الذي يؤدي دوره الممثل جون، خطة للتعجيل بإجراء تجربة نووية عسكرية، للوقوف في وجه الجيران الأقوياء، مثل باكستان والصين، خاصة أن الأخيرة أتمت أكثر من 40 تجربة تفجير نووية.
وقوبل طرح المهندس النووي بنوع من الازدراء والسخرية من جانب الوزراء، إلا أن مسؤولا فيما بعد يمنحه فرصة أخرى، ويعطيه الضوء الأخضر لبدء المشروع.
وبالفعل، جرت الأمور كما هو مخطط لها، لكن تدخل الولايات المتحدة أفسد كل شيء، عندما رصدت الأقمار الصناعية تحضيرات الاختبارات، وأصدرت تحذيرا صارما، وانهار المشروع.
وبعد هذا الفشل، صار المسؤولون في الحكومة يبحثون عن كبش فداء، ليطرد المهندس من عمله، وفي 1998، تغيرت الحكومة الهندية وجاء رئيس وزراء جديد منح المهندس فرصة أخرى.
وهنا بدأت أحداث الفيلم بالتسارع، ليضع الهنود خطة للعبور نحو النادي وتجاوز مراقبة المخابرات الأميركية، عبر قمر صناعي تجسسي، فراحوا يجهزون لتنفيذ التجربة النووية، في الأوقات التي لا يمر فيها القمر فوق الهند، أي "الساعات العمياء".
وعندما انتاب الأميركيون شك من تحركات الجيش الهندي، بدأوا في تشغيل قمرين للمراقبة، ورغم صعوبة المهمة، إلا أن الهنود وجدوا حلا لذلك.
الحل الهندي، تمثل في تضليل الولايات المتحدة، بافتعال أزمة مع باكستان، حيث قامت الهند باستنفار قواتها صوب الحدود مع باكستان في كشمير، لتندلع أزمة سياسية كبرى بين البلدين، جعلت المخابرات الأميركية توجه أقمارها الصناعية التي كانت تراقب التجربة النووية إلى منطقة كشمير حيث النزاع الهندي الباكستاني.
ولم تضيع الهند الفرصة بعد أن أشغلت المجتمع الدولي بالأزمة، لتنطلق وتكمل تجربتها، بعيدا عن أعين الولايات المتحدة، لتفاجئ العالم بدخولها للنادي النووي.
واعتبر إخفاق المخابرات المركزية الأميركية CIA في توقع التجارب النووية الهندية، حينها، "فشلا هائلا"، ليس بسبب ضعف الأقمار الصناعية، بل أيضا نتيجة الفشل في تحليل الصور ونقص المصادر السرية داخل الهند.
مشروع عمره عقود
وبدأت الهند مشروعها النووي منتصف القرن الماضي، إذ أنشأت الهند هيئة الطاقة النووية عام 1954، بعد أن مهدت لذلك عبر خطوات بدأت عام 1948، أي بعد الاستقلال بعام واحد.
وأنشأت الهند أول مفاعل نووي في عام 1955، وأجرت نيودلهي التفجير الأول عام 1974، وقالت حينها إنه لأغراض سلمية، لتواظب بعد ذلك على تطوير قدراتها النووية، لكن تاريخ الهند الحاسم في المجال النووي كان في منتصف تسعينيات القرن الماضي.
وبدا أن السلاح النووي أداة لا غنى عنها في مواجهة الجيران الأقوياء مثل الصين وباكستان.
ورغم أن الولايات المتحدة ساهمت في دعم البرنامج النووي السلمي، إلا أنها سارعت إلى فرض عقوبات على نيودلهي عقب الاختبارات النووية.
انتقادات
وربما يكون من الأفلام الهندية القليلة التي يظهر فيها أميركيون، لكن ما يأخذ على الفيلم أنه استعان بلقطات من أرشيف الأخبار تظهر الرئيس الأميركي، آنذاك، بيل كلينتون، ولم يكلف طاقم الفيلم في الاستعانة بممثل أميركي يؤدي دور الرئيس سينمائيا، كما يقول نقاد.
وجاءت لغة الفيلم مليئة بالمصطلحات الوطنية، من أجل ترسيخ صورة الإنجاز النووي الذي يعبر الهنود على افتخارهم به، لكن يركز، حسب نقاد، على السياسيين والعسكريين الهنود في تسعينيات القرن الماضي، مسقطا جهودا جبارة بدأت منذ قبل ذلك بـ40 عاما.