تعتبر شبكة حقاني، التي قتل قائدها اليوم، أكثر الجماعات المسلحة وحشية داخل باكستان وأفغانستان خصوصاً في ضوء صلتها بجماعة طالبان الأفغانية.

وتأسست المجموعة على يد الأفغاني جلال الدين حقاني، القيادي الذي حارب الغزو السوفياتي لبلاده في ثمانينيات القرن الماضي، بمساعدة الولايات المتحدة وباكستان.

وكانت شبكة حقاني، التي يقدر عدد مقاتليها بعشرة آلاف مسلح، قد اعتادت تنظم الهجمات ضد قوات الحلف الأطلسي من معقلها في ميرانشاه، بوزيرستان، وهي المنطقة القبلية النائية في باكستان.

تاريخ متقلب

تميّز جلال الدين حقاني بقدراته التنظيمية ما لفت انتباه وكالة الاستخبارات المركزية الأميركية "سي آي إيه" وزاره آنذاك تشارلي ويلسون أحد أعضاء الكونغرس الأميركي.

لكن لاحقا صنّفت الإدارة الأميركية حقاني وابنه سراج الدين حقاني، "أهدافاً ثمينة" في حربها على الإرهاب في المنطقة، كما أخطرت الإدارة الأميركية الحكومة الباكستانية، من خلال قنوات غير رسمية، باحتمال قيام قواتها بتنفيذ عملية عسكرية داخل الأراضي الباكستانية.

وأقام حقاني، الذي يتقن العربية، علاقات وثيقة مع متطرفين عرب، من بينهم زعيم القاعدة القتيل أسامة بن لادن الذي انتقل إلى أفغانستان خلال الحرب مع الاتحاد السوفيتي.

وشغل حقاني لاحقا منصب وزير في "حكومة طالبان" قبل الغزو الأميركي لأفغانستان.

وتعرف هذ الجماعة المتطرفة بأنها غالبا ما تلجأ إلى انتحاريين، وقد أدرجتها الولايات المتحدة على قائمتها للمجموعات الإرهابية.

واتُّهم تنظيم شبكة حقاني بالوقوف وراء تفجير شاحنة مفخخة أدى إلى سقوط 150 قتيلا في قلب كابول في مايو 2017، غير أن سراج الدين حقاني نفى ذلك في تسجيل صوتي نادر.

كما تحمّل السلطات الأفغانية الشبكة مسؤولية اغتيال شخصيات حكومية أفغانية كبيرة، وخطف أجانب بهدف الحصول على أموال.

ومن بين هؤلاء الرهائن الكندي جوشوا بويل، الذي أفرج عنه لاحقا مع زوجته الأميركية كيتلين كولمان، وأبنائهما الثلاثة الذين ولدوا في معتقل الشبكة، وأيضا العسكري الأميركي بوي بيرغدال الذي أطلق سراحه في 2014.

بعد الغزو الأميركي لأفغانستان في العام 2001، انتقل عدد كبير من مقاتلي طالبان إلى باكستان، حيث أعادوا رص صفوفهم قبل أن يباشروا هجماتهم على الأميركيين.

وردت الولايات المتحدة بشن غارات عديدة عبر طائرات بدون طيار على عناصر شبكة حقاني، كما شن الجيش الباكستاني حملات عدة عليهم، لكن المسؤولين الأفغان كانوا دائما يشككون في جدية الضربات التي توجهها باكستان إلى عناصر هذه الشبكة.

لكن باكستان كثفت عملياتها على منطقة وزيرستان عام 2014، ما أرغم العديد من المقاتلين على الاختباء أو الفرار إلى أفغانستان.

وبشأن علاقة باكستان بالشبكة، تقول مصادر غربية، إن تنظيم حقاني وحليفه جماع طالبان تساعدان أسلام آباد في التصدي لنفوذ الهند في أفغانستان.

وبحسب وكالة "فرانس برس"، يقر سياسيون وعسكريون سابقون في إسلام آباد سرا بأن إبقاء باكستان قنوات الاتصال مفتوحة مع شبكة حقاني، يكتسب أهمية حيوية بالنسبة إليها.

ويشدد البعض على تحديد طبيعة هذه العلاقة، فيقول محمود شاه القائد العسكري السابق الذي عمل في المناطق القبلية لفرانس برس، إن "هناك فارقا بين إبقاء اتصالات وبين الدعم أو الانتماء".

ضغوط أميركية

تمارس واشنطن منذ زمن ضغوطا على باكستان لحثها على قمع الحركات المتمردة وفي مقدمتها شبكة حقاني.

وزاد الرئيس الأميركي دونالد ترامب الضغوط في الصيف الماضي، عندما اتهم إسلام آباد بأنها تلعب دورا مزدوجا في أفغانستان، وبأنها تؤوي "عناصر مثيرين للفوضى" على أراضيها.

وتنفي باكستان هذه الاتهامات بشدة، وتتهم الولايات المتحدة في المقابل بتجاهل أرواح آلاف الباكستانيين الذين قتلوا خلال الحملة من أجل القضاء على الإرهاب.

وجاء توقيت الإفراج عن الرهينة الكندي بويل مع زوجته بعد ذلك بأسابيع، وقد مارست باكستان دورا في إطلاق سراحهم في محاولة لإقناع الأميركيين بأنها تقوم بأفضل ما يمكنها.

غير أن مخاوف الإدارة الأميركية من الصلة بين باكستان وشبكة حقاني كانت قد تعززت بالفعل عندما قام المسؤولون الباكستانيون بترتيب لقاء بين بعض قادة شبكة حقاني والدبلوماسيين الأميركيين الموجودين في إسلام آباد في عام 2012.

اتهامات أميركية لباكستان بدعم حقاني