اتهم رئيس حزب الشعب الجمهوري المعارض في تركيا، كمال كيليجدار أوغلو، رئيس البلاد رجب طيب أردوغان، باستغلال قضية القس الأميركي المعتقل أندرو برانسون، بهدف إخفاء فشله سياساته الاقتصادية مؤخرا، بعدما هوت الليرة إلى مستويات غير مسبوقة أمام الدولار.
واعتبر المعارض البارز أن أردوغان لم يتخذ الإجراءات الضرورية لوقف انهيار العملة المحلية، التي فقدت أربعين بالمئة من قيمتها أمام الدولار خلال الأسابيع الماضية.
وزادت أزمة دبلوماسية بين واشنطن وأنقرة من هبوط العملة، بعدما تشبثت تركيا بعدم الإفراج عن القس الذي يحاكم بتهم التعاون مع "تنظيم إرهابي"، وفق ما نقلت صحيفة "حرييت" التركية.
وأوضح كيليجدار أوغلو، في لقاء صحفي بأنقرة، الخميس، أن الجميع كان يتوقع أن تؤدي مصاعب الاقتصاد التركي إلى صعود الدولار حتى 7 ليرات، وقال "كتبت الصحافة عن هذا الأمر كما حذر الاقتصاديون بدورهم من هذا الخطر، فلماذا لم يتخذ (أردوغان) إجراءات قبل شهرين؟ هو الذي قرر الذهاب إلى انتخابات مبكرة حتى يحمي نفسه من الوضع الاقتصادي المتردي".
وقال الزعيم المعارض إن الأزمة الدبلوماسية مع واشنطن زادت من تفاقم الوضع، مضيفا أن ما يقوم به أردوغان "محاولة لإخفاء الفشل الاقتصادي والسعي إلى تقديم قضية القس الأميركي بمثابة ذريعة للأزمة".
وهوت الليرة التركية بشكل كبير بعدما فرضت الولايات المتحدة عقوبات على تركيا، ولوحت واشنطن الخميس بمزيد من العقوبات في حال لم تفرج أنقرة عن برانسون، كما أوضح البيت الأبيض أن العقوبات الأميركية لن تُرفع حتى إن أطلق سراح المعتقل.
وأوضح كيليجدار أوغلو أن الديون التي يتوجب على تركيا أن تدفعها في غضون سنة تصل إلى نحو 240 مليار دولار، وأكد أن اقتصاد البلاد يعاني من غياب إجراءات ضريبية ضرورية كما يحتاج إلى خطوات هيكلية لا مفر منها.
وتساءل "هل تعتقدون أن الليرة سترتفع وتحقق مكاسب أمام الدولار في حال جرى الإفراج عن برونسون؟ هل سيؤدي ذلك إلى هبوط الديون التركية"؟ وأجاب بنفسه قائلا إن تركيا تحتاج إلى إجراءات جدية حتى تخرج من الأزمة.
ضريبة التهور
ووصف كيليجدار الحكومة التركية الحالية بالأكثر تهورا في تاريخ البلاد، وأضاف أنها ورطت الحكومات التي ستأتي فيما بعد "نحن نعاني في الواقع أزمة سياسية، وهذه الأزمة السياسية لها تداعيات على الاقتصاد ومعدلات صرف العملات الأجنبية.. لقد صارت تركيا في عهد أردوغان دولة حزبية، حيث يملك راجل واحد كل السلطات".
واعتبر قضية القس الأميركي بمثابة نتيجة لغياب حكم القانون، وقال إن أزمات دبلوماسية ستندلع مع دول أخرى في المستقبل، إذ لم يجر حل المشكلات، وذكّر المعارض بما حصل مع دول مثل ألمانيا وفرنسا واليونان بسبب اعتقال أشخاص أجانب.
وصرح "لقد أفرجت الحكومة التركية عن صحفي ألماني – تركي متهم بالتجسس بعدما طلبت المستشارة الألمانية أنغيلا ميركل ذلك، وعلى هذا النحو، أطلقت السلطات سراح مواطنين فرنسيين بعدما طلب إيمانويل ماكرون ذلك من أردوغان، وهذا ما فعلوه أيضا حين أفرجوا عن جنديين يونانيين".
وأضاف أنه حين تتصرف تركيا على هذا النحو، أي تطلق سراح الأجانب بعدما كانت توجه لهم تهما خطيرة، يصير من الصعب أن تقنع أنقرة الدول الخارجية بحديثها عن دولة القانون، ولذلك فترامب مصمم على إطلاق سراح القس.
وبعدما عبرت دول من الاتحاد الأوروبي عن مواقف مساندة لتركيا في أزمتها مع الولايات المتحدة، يرى الزعيم المعارض أن على أنقرة أن تكون حريصة على تعزيز علاقاتها مع الأوروبيين على أسس متينة.
ونصح كيليجدار الحكومة التركية أن تسير على نهج الاتحاد الأوروبي في أمور مثل سيادة القانون وحرية التعبير ومكافحة الإرهاب، وأكد أن أردوغان "يبحث عن أصدقاء" في الوقت الحالي بعدما حشرته السياسات الأميركية في الزاوية.