أعلنت وزارة الخارجية الأميركية الثلاثاء إدراج زعيم حركة أنصار الدين في مالي، إياد أغ غالي في قائمة الإرهاب، ليصبح أول "أصولي" من الطوارق يدخل هذه القائمة، التي تضم مجموعات أعضاء تنظيم القاعدة في الصحراء، مثل الجزائريين مختار بلمختار، وعبدالمالك ركدال.

وعرف إياد أغ غالي من خلال بروزه كقائد يساري لحركة تحرير أزواد بداية التسعينيات، حين قاد حركة الطوارق في حرب مع مالي انتهت بتوقيع اتفاقيات سلام لم تنفذ. وهو بقى متنقلا بين العاصمة المالية باماكو، التي تقلد فيها عدة مناصب، وبين دول الجوار لا سيما ليبيا، حيث عقد صداقة وثيقة مع الزعيم الليبي الراحل معمر القذافي استمرت حتى مقتل الأخير خلال الثورة الليبية.

لكن إياد، وأثناء عقد من الزمن، سافر إلى باكستان عدة مرات، حيث تأثر بجماعات التبليغ في باكستان التي عقد معها صلات واسعة، وأطلق إياد من وقتها لحيته، وأصبح شبه منعزل عن الناس، ملازما لمنزله في معقله كيدال شمالي مالي.

وقد ترسخت مكانة إياد وعاد للبروز من خلال أدواره الشهيرة في التوسط بين الأوروبيين وبين خاطفي الرهائن في مالي، وقد أثنت بعض الحكومات الأوروبية على دوره ووصفوه بالصديق، بسبب تدخله لدى تنظيم القاعدة كمفاوض ناجح في فك أسر الرهائن مقابل فدى بلغت مئات الملايين.

وعقب الاستقرار، واتفاقيات السلام الهشة التي توسط فيها بين السلطات المالية وبين حركة الطوارق التي عادت وحملت السلاح عام 2005، تم تعيينه من قبل الحكومة المالية قنصلا في مدينة جدة بالمملكة العربية السعودية.

لكن السلطات السعودية، وبعد فترة وجيزة من عمله، قامت بطرده بعد الاشتباه في دوره وصلاته بعناصر دينية متشددة.

وعاد إياد إلى مالي، وبقي متنقلا بين الصحراء وليبيا حتى اندلعت الثورة الليبية التي دفعت بأعداد كبيرة من الطوارق إلى العودة إلى مالي بعد أن غنموا أسلحة ضخمة كان القذافي قد سلحهم بها للقتال معه، ليعود أغ غالي مع مجموعة كبيرة مدججة بشتى أنواع الأسلحة إلى شمالي مالي.

وحسب مصادر "سكاي نيوز عربية" فإن إياد كان يأمل أن يقود الطوارق في حرب ضد مالي لتحرير الشمال، لكن حركة تحرير أزواد قامت بإنشاء قيادة من الدماء الشابة التي تجاهلت إياد غالي، ليؤسس الأخير جماعة أنصار الدين التي قاتلت مع حركة تحرير أزواد وجماعة التوحيد والجهاد.

وأعلن إياد حركته بعد طرد القوات المالية من الشمال حركة متشددة هدفها تطبيق الشريعة الإسلامية في كل مالي، مخالفا بذلك أهداف حركة تحرير أزواد التي أعلنت "دولة أزواد" من طرف واحد.

وطوال الأشهر التسعة التي سيطرت فيها حركة إياد على تينبكتو وكيدال، نسجت حركته وحركة التوحيد والجهاد وتنظيم القاعدة تحالفا، أدى إلى طرد حركة تحرير أزواد التي يقودها الطوارق من المدن الشمالية الثلاث (تينبكتو وغاوا وكيدال).

وبعد النجاح الذي أحرزه إياد وحلفاؤه في التوحيد والجهاد والقاعدة، رأى أغ غالي بعد طرد حركة تحرير أزواد أن بإمكانه التوسع، وأن مدن في وسط مالي مثل دوانزا وكونا وهمبري لا تحظى بحماية كافية من الجيش المالي المتهالك، ما وسع أطماعه وجعله يزحف مع أنصاره إلى هذه المدن القريبة من موبتي حيث القاعدة العسكرية الفرنسية.

وقد اعتبر محللون خطوة إياد سوء تقدير بالغ من خبير مثله، إذ لم يكن إياد ولا أنصاره يتوقعون أي تدخل فرنسي في ظل المشاورات الإفريقية التي تتحدث عن تدخل عسكري لم تتهيأ ظروفه الملائمة بعد.

لكن حكومة باماكو لم تمهل إياد، إذ خشيت تقدم الأخير نحو العاصمة باماكو لتستنجد بحليفتها فرنسا التي أدى تدخلها الفوري إلى حرب انتهت بإياد مطلوبا دوليا من قبل الولايات المتحدة لما اقترفته حركته من أعمال تصنفها واشنطن بالأعمال الإرهابية.