تنتهج الحكومة التركية سياسات عدة من أجل الضغط على وسائل الإعلام المستقلة في البلاد، في محاولة لكتم الصوت المناوئ لها، بحسب صحيفة "وول ستريت جورنال" الأميركية.
وسلطت الصحيفة الأميركية في تقرير لها، السبت، الضوء على أشكال هذا الضغط الذي يتنوع بين الاعتقال وحجب الإعلانات والمواقع ومحاولة شراء الصحف وإغلاق وسائل الإعلام.
ومن بين وسائل الإعلام المستقلة القليلة في تركيا، صحيفة "جمهورييت"، التي يستعد فريقها لتغطية الانتخابات الرئاسية والبرلمانية في تركيا الشهر المقبل، في ظل قيود شديدة للغاية.
وكان رئيس تحرير الصحيفة و 13 من زملائه قد عادوا على العمل في مايو الجاري، بعد أن أمضوا 17 شهرا في السجن بتهم تتعلق بالإرهاب، وربما يعودون إليه وقد يقبعون هناك لسنوات.
وأدانت محكمة في أبريل الماضي، مراد صابونجو، وزملاءه بالسجن لفترات متفاوتة، لكنهم خرجوا من السجن بكفالة بانتظار الحكم.
وبينما تقول الحكومة التركية، من جانبها، إن الصحفيين لا يحاكمون لكونهم صحفيين، بل بسبب دعمهم للجماعات الإرهابية، يؤكد الصحفيون أن الاتهام الموجه لهم لا أساس له من الصحة، ويهدف إلى كتم أصواتهم.
شراء الصحف
ومنذ أن فرضت السلطات حالة الطوارئ بعد محاولة الانقلاب الفاشلة في 2016، أعيد تشكيل المشهد الإعلامي في تركيا ليخدم طموح الرئيس رجب طيب أردوغان السياسي، إذ أغلقت السلطات العشرات من وسائل الإعلام على خلفية اتهامات بدعم متورطين في محاولة الانقلاب أو الانفصاليين الأكراد.
أما ما تبقى من الصحف والتلفزيونات المستقلة، فقد سارع موالون لأردوغان وسياسات حكومته للاستحواذ عليها.
وصحيفة "جمهورييت"، وغيرها من وسائل الإعلام المحلية مثل موقع "تي 24" وموقع "diken" صانت استقلالها من خلال الحفاظ على ملكيتها بعيدا عن السلطة، لكنها تختنق ماليا لأن المعلنين يعزفون عنها خوفا من الحكومة.
شح الإعلانات
ويقول صابونجو أثناء تصفح الجريدة: "لا شيء هنا"، في إشارة إلى غياب الإعلانات، فيما يفيد الصحفي، بولنت موماي، الذي يدير الموقع الإلكتروني لـ "جمهورييت" : "نحن نقوم بتنظيف المكتب بأنفسنا"، في إشارة تعكس انهيار القدرات المالية للصحيفة.
وفي السياق نفسه، ويقول رئيس تحرير موقع Diken الإخباري الإلكتروني، إردال غوفن، إن الموقع يكافح من أجل الحصول على إعلانات لتمويل أعماله، واستطاع الحصول على إعلانات من شركة أجنبية لمدة 3 أشهر، لكنها ألغت الحملة بعد 11 يوم من انطلاقها.
وأضاف غوفن :" لقد وجدنا أنهم (الشركة) تلقوا اتصالات هاتفية (من الحكومة)".
وقالت لجنة وطنية مكلفة بتخصيص إعلانات تمولها الحكومة لوسائل الإعلام إن تقاريرها تحتوي على "أسرار تجارية" رافضة التعليق على الأمر، كما رفض الاتحاد التركي للمعلنين من القطاع الخاص التعليق على الأمر.
الحجب الرقمي
وامتدت أدوات الضغط الحكومية التركية إلى الجانب التقني، إذ قال إردال غوفن، إنه يتابع كثيرا من القصص الإخبارية التي حجبتها هيئة الاتصالات في تركيا، بعد شكاوى تأتي غالبا من الحكومة، التي تقول إنها ضرورية من أجل الحرب على الإرهاب ومواجهة وادعاءات تشويه السمعة.
وأضاف أن عدد القصص المحجوبة بلغ 15 منذ انطلاق الموقع عام 2014، مشيرا إلى أن الموقع يسعى للتحايل على الأمر عبر إعادة نشر المادة مع رابط جديد وتسارع السلطات لحظرها مجددا.
المكالمات المباشرة
وفي عام 2016، وأثناء بث برنامج ترفيهي، اتصلت امرأة مستغلة الفرصة للتعبير عن خوفها بشأن القتال بين قوات الأمن والانفصاليين الأكراد، وقالت: "لا أريد أن أموت".
وقضت المحكمة بسجنها لمدة 15 شهرا، بعد أن وجدت أن تعليقاتها تشكل دعما لحزب العمال الكردستاني.
وبعد ذلك فرضت السلطات قيودا على تلقي المكالمات على الهواء المباشرة.