بينما تتسع الاحتجاجات الشعبية ضد النظام في مختلف أنحاء إيران التي تسكنها قوميات متعددة، فإن هناك تطورا قد يصبح مع الوقت مفصليا في تحديد مستقبل نظام الملالي، وهو حراك القومية الأذرية.
والإيرانيون من القومية الأذرية الذين يعرفون أيضا بالإيرانيين الأتراك، هم ثاني أكبر قومية بعد الفرس، حيث يبلغ عددهم نحو 20 مليون نسمة، ما يتعدى 22 في المئة من عدد سكان البلاد.
ويتواجد معظم الأذريين في محافظات أذربيجان الشرقية وأردبيل وزنجان وأجزاء من أذربیجان الغربیة، وبأعداد قليلة في محافظات أخرى مثل كردستان وقزوين وهمدان وغیلان ومركزي.
ويعيش كثير من الأذريين في العاصمة طهران، وهم يدينون بالمذهب الجعفري (الشيعة) مع وجود أقلية سنية.
وبحسب مركز المزماة للدراسات السياسية، فإنه يوجد أكثر من مليون أذري يسيطرون على الأسواق التجارية في طهران وحدها.
ويعد الأذريون من أهم القوميات التي انتفضت ولمرات عديدة في وجه النظام البهلوي، حتى نجحوا عام 1945 من إقامة جمهوريتهم الديمقراطية، لكن انسحاب السوفييت من شمالي إيران أدى إلى انهيار الجمهورية الوليدة.
وكانت مشاركة الأذريين في ثورة عام 1979 سببا كبيرة في الإطاحة بحكم الشاه محمد رضا بهلوي، واعتلاء الملالي السلطة، لذا فقد تغلغل نفوذهم في كافة مفاصل الدولة لمعرفتهم الجيدة بالإدارة.
عصب النظام
ويقول الصحفي المتابع للشأن الإيراني، مصطفى فحص، لـ"سكاي نيوز عربية" إن "الأذاريين هم عصب الدولة الإيرانية، حيث يسيطرون على مفاصل الإدارة وأعلى المناصب في مختلف القطاعات من بينها الجيش".
ويوضح فحص أن "النظام الإيراني يعمل حسابا كبيرا للقومية الأذرية على عكس القوميات غير الفارسية الأخرى".
وتجدر الإشارة إلى أن مرشد إيران الحالي، علي خامنئي، والرئيس الإيراني السابق، والمعارض البارز مير حسين موسوي، هما من أصول أذرية.
ويشير فحص إلى أنه في عام 2009، حين خرجت احتجاجات تحولت لانتفاضة واسعة خطيرة ضد النظام الإيراني، " كان لموقف الأذاريين عامل كبير في إخمادها، فقد اعتبروا أن ما يحدث صراعا سياسيا لا يعنيهم".
لكن الجديد في الاحتجاجات الأخيرة، بحسب فحص، هو خروج مظاهرات من مدن أذرية مثل أرومية وتبريز، مطالبة بإسقاط النظام.
ويقول فحص: "رغم أن التحركات قليلة في هذه المدن، فإنها تتسع مع الوقت لأن الأذريين مثلهم مثل جميع الإيرانيين يعانون أيضا من الوضع الاقتصادي المتردي بسبب سياسات النظام".
مشكلة في العصب
ويعني انضمام أبناء القومية الأذرية إلى الانتفاضة الشعبية أن عصب النظام الإيراني بات يواجه مشكلة حقيقية، فالأذريون هذه المرة لم يكتفوا بمراقبة ما يحدث، وهي إشارة مرعبة للنظام.
وتعرف السلطة الإيرانية جيدا ماذا يعني الغضب الأذري، ففي عام 2006 عندما قام أحد الرسامين بنشر كاريكاتير تهجمي ضد اللغة التركية والأذرية.
واندلعت على أثرها مظاهرات عارمة، دفعت الرئيس السابق محمود أحمدي نجاد إلى تقديم اعتذار، وزيارة الإقليم واتخاذ إجراءات بحق الصحيفة التي نشرت الكاريكاتير.