بينما تصدح الأغاني وأصوات الدفوف في عرس أو مناسبة سعيدة، تخرج طلقات من الرصاص لا يختلف هدفها عن إظهار الفرح أو المجاملة، لكنها تخطئ طريقها إلى طفل يطل من شرفة أو امرأة تشاهد العرس وربما في شجار عابر بين شباب مراهق، ليتحول الفرح إلى مأتم.

ففي كثير من البلدان العربية، تشهد الأفراح ذات الطابع الشعبي والعشائري إطلاقا للرصاص في الهواء، كنوع من التباهي أو مجاملة جرى العرف عليها.

لكن مئات من الأشخاص يذهبون دون سبب، ضحايا لهذه الممارسات التي لا تجد قانونا حازما يردعها.

فقبل أيام، نقل شاب سوري في العقد الثالث من العمر من بلدة بريتال، إلى مستشفى دار الأمل الجامعي في مدينة بعلبك اللبنانية، مصابا برصاصة طائشة برأسه أطلقت ابتهاجا في أحد الأعراس في البلدة، حيث مازال يرقد في حالة حرجة، بحسب وكالة الإعلام الوطنية.

وجاءت الحادثة في وقت من المنتظر أن يعرض في أروقة مجلس النواب مقترح بمشروع قانون لتجريم إطلاق النار في الهواء.

وتقدم النائب غسان مخيبر بالاقتراح الذي ينص على: "كل من أقدم، لأي سبب كان، على إطلاق عيارات نارية في الهواء من سلاحٍ مرخص أو غير مرخّص، يعاقب بالحبس من ستة أشهر إلى ثلاث سنوات، وغرامة من ثمانية أضعاف إلى عشرة أضعاف الحد الأدنى للأجور، ويصادر السلاح ويُمنع الجاني من الحصول على رخصة سلاح مدى الحياة".

وبالرغم من أن ذلك المقترح أمامه العديد من الخطوات الإجرائية قبل عرضه على المجلس للتصويت، فإنه يلقي الضوء على ظاهرة إطلاق النار العشوائي في المناسبات الاجتماعية، وذلك في بلد متخم بالسلاح ويشهد بالفعل توترات أمنية.

ملايين القطع من السلاح

ولا يختلف الوضع في ليبيا التي تعج بنحو 20 مليون قطعة سلاح وغارقة في احتراب أهلي وانتشار للجماعات المتطرفة.

أما في اليمن، فقد أعطى القانون للمواطن الحق بحيازة الأسلحة النارية الشخصية، ومن بينها البنادق الآلية.

وبحسب إحصاءات دولية، تنتشر في اليمن قرابة 60 مليون قطعة سلاح، حيث يعد اقتناء الأسلحة نوعا من الوجاهة الاجتماعية وتعزيزا لقوة القبيلة. ومع الحرب الدائرة بين المتمردين والقوات الشرعية في البلاد، أصبح استخدام السلاح مظهرا يوميا.

وينتشر السلاح في صعيد مصر، المعروف بعاداته الثأرية، وحرص العائلات هناك على امتلاك الأسلحة المختلفة.

ولا يوجد إحصاء دقيق لعدد الأسلحة المنتشر خارج إطار السلطات الرسمية، لكن ظهور السلاح في الأفراح والمناسبات والخلافات من المشاهد المألوف، كما أن وقوع ضحايا نتيجة الرصاص الطائش من الحوادث المتكررة.

وفي الأردن، يجرم القانون استعمال السلاح بهدف غير الدفاع عن النفس، وينص على أنه "يعاقب بالحبس مدة ثلاثة أشهر أو بغرامة قدرها ألف دينار أو بكلتا هاتين العقوبتين كل من أطلق عيارا ناريا دون داع او استعمل مادة مفرقعة دون موافقة مسبقة ويصادر السلاح المستخدم سواء كان مرخصا أو غير مرخص".

وبالرغم من ذلك، فإن إطلاق النار في المناسبات الاجتماعية وما يترتب على ذلك من حوادث لم يتوقف عند القانون.

وبحسب تقديرات أمنية إن خمسة أشخاص على الأقل يلقون حتفهم ويصاب العشرات سنويا في حوادث إطلاق نار عشوائي في الأفراح.