فرضت أغاني البنات نفسها بقوة في المشهد الثقافي السوداني، بعد أن كانت حبيسة المناسبات الاجتماعية السعيدة، إذ باتت تجد طريقها إلى وسائل الإعلام الحكومية بعد أن كانت شبه محظورة،.
أغاني البنات في السودان ليست بجديدة، فقد ظهرت منذ حقبة الاستعمار التركي للسودان، كنوع من الشعر يمجد الكرم والشجاعة، ويبث الحماس في نفوس المقاتلين، إلى جانب تمجيد الخيرين وزعماء القبائل في بعض مناطق السودات لا سيما كردفان ودارفور، حيث تعتبر "لحكامة" هي شاعرة القبيلة.
كما ارتبطت هذه النوعية من الغناء بطقوس الزواج، مصحوبا بآله "الدلوكة" وإيقاع السيرة السوداني، وهو إيقاع محبب للسودانيين، حيث تتخلله بعض الطقوس كالبطان وهو من العادات الراسخة عند بعض القبائل ذات الأصول العربية فى السودان، حيث يقوم الشباب بالتطوع للجلد أمام الفتيات والنساء ويقوم العريس بمهمة جلد المتطوعيين بالسياط فى ظهورهم وسط أهازيج وزغاريد النساء.
من جانبها، تقول المطربة ميادة قمر الدين، وهي أول فنانة سودانية تستعمل آلة الرق التي كانت حكرا على الرجال، إن "السودان غني بإيقاعاته، منها المردوم والسيرة والتم تم ،لكن السيرة فى اعتقادى يمكن أن يكون إيقاعا عالميا لأنه لايوجد مثله فى العالم وهو إيقاع ساحر".
أما الفنانة ندى القلعة، وهي من أشهر المطربات اللائي تغنين بأغاني البنات الشعبية، لم تخف عشقها لترديد أغنيات الحماسة والأغنيات التى تعالج قضايا المجتمع والمرأة على وجه الخصوص.
وأضافت ندى القلعة: "معروف أن البنت تعكس مشاكلها من خلال تجمع الصديقات والجيران أثناء الغناء بالدلوكة في الأعراس والمناسبات المختلفة فهن في بساطة وبلغة سهلة يعبرن عن مشاكلهن عن طريق الأغانى".
من جانبه، يرى رئيس اتحاد فن الغناء الشعبي في السودان، محمود على الحاج، أن نمط الغناء هذا يكشف الكثير من التحولات التي شهدها المجتمع السوداني عبر عقودٍ من الزمان.
وأضاف الحاج أن اتجاه الفنانات للغناء بالآلات الشعبية يمثل انتصارا للغناء الشعبي، الذي كان أول نوع من الغناء في السودان عن طريق الرواد في هذا المجال أمثال كرومة ومحمد أحمد سرور، وذلك قبل نحو قرن من الزمانـ الأمر، الذي يمثل تعمق الفن الشعبي وتأثيره على المجتمع.
ويري مختصون أن هناك تحولا كبيرا شهدته أغاني البنات في السودان، فبعد أن كان هذا النمط من الغناء محصورا في بيوت الأعراس بأغاني راقصة للعروس تحول إلى غناء بأنماط مختلفة له جمهوره ومحبيه.