في دار الرعاية الاجتماعية في السليمانية بإقليم كردستان العراق، يعيش نحو 40 طفلا دون سن الرابعة معظمهم من مجهولي النسب، هم نتاج تكرار حالات إلقاء الأطفال حديثي الولادة أمام المساجد والساحات وعلى قارعة الطرق في بعض مدن إقليم كردستان.

"سكاي نيوز عربية" زارت الدار حيث انتهت بهم أقدار الأطفال، إما يعيشون بها لسنوات مقبلة أو ينتظرون كفيلا مثلما حدث مع 10 آخرين تبناهم بعض الخيرين خلال الأشهر الستة الماضية.

"ريبوار" ذو الـ 14 شهرا.. إحدى حالات الدار التي تختزل قصة دخول عشرات الأطفال إليها، فقد تخلى عنه أبواه الفقيران لعجزهما عن تأمين تكاليف معالجة ورم خطير في دماغه وقصور في حبله الشوكي، إذ كان يحتاج لعلاج بتكلفة 30 ألف دولار،كي لايفقد البصر والحركة معا.

وتقول مديرة الدار سرنج حمه سعيد، إنه منذ تأسيسها قبل عامين، تلقت دار الرعاية الاجتماعية نحو 40 طفلا دون سن الرابعة بينهم 13 رضيعا.

وتضيف: "أحيانا نتلقى 3 أطفال حديثي الولادة في يوم واحد، وقد تم تبني أكثر من 10 أطفال من قبل  بعض الأشخاص بناء على أوامر قضائية، ونناشد الخيرين تقديم مساعدات عاجلة للدار، لأن الجهات الرسمية لم تعد قادرة على تلبية احتياجاتها".

ويشدد الفقهاء يشددون على وجوب التعاطي السليم والإيجابي مع هؤلاء الأطفال غير الشرعيين، داعين السلطات إلى ضمان حقوقهم بقوانين خاصة.

ويتحدث عضو لجنة الفتاوى الإسلامية في إقليم كردستان العراق أحمد شافعي إلى "سكاي نيوز عربية"، قائلا إنه وفقا لنصوص القرآن الكريم والشرع، فإن الذين يلقون بالأطفال الرضع على قارعات الطرق تحت أي ذريعة كانت "إنما يقترفون إثما عظيما".

وتابع: "أما رعاية هؤلاء الأطفال فهي واجب على الحكومة في المقام وعلى الناس أيضا، كما يتوجب التعامل معهم بكل عطف وإيجابية ففي ذلك ثواب كبير عند الله، ولكن تغيير نسبهم إلى من يكفلون تربيتهم أمر محرم شرعا".

ويعزو مختصون في الشؤون الاجتماعية تنامي تلك الظاهرة إلى جملة أسباب، أبرزها الكبت والقيود الاجتماعية.

وفي هذا السياق يرى الباحث الاجتماعي هيمن عبد القادر أن لظاهرة التخلي عن الأطفال جذور قديمة، ويستطرد: أسبابها تعزى إلى الكبت الأسري والقيود العشائرية والاجتماعية المفروضة التي تحول في أغلب الأحيان دون إتمام عملية الزواج الصحيح بين الأفراد، ولا شك أن حرمان هؤلاء الأطفال من الرعاية الأسرية النقية سيفضي إلى مزيد من المشاكل الاجتماعية وبروز أفراد خارجون عن القانون".

اليوم يعيش هؤلاء الأطفال في الدار، إلا أن الغد غير مضمون بالنسبة لهم، فالدار حسب مدرائها مهددة بالإغلاق جراء الأزمة الاقتصادية الخانقة الراهنة في الأقليم، مما سيشكل مزيدا من المخاطر على مصير هؤلاء الأيتام.