في مثل هذه الأيام، تحل الذكرى الثانية والخمسون لاغتيال الرئيس الأميركي، جون فتزجيرالد كيندي، بحادثة إطلاق نار بعد مرور موكبه الرئاسي وسط مدينة دالاس في ولاية تكساس، ومقتل القناص لي هارفي أوزوالد المتهم بعد حادثة اغتياله بيومين ظهر 24 نوفمبر من عام 1963.

وتعد حادثة اغتيال كيندي من أعقد جرائم الاغتيال السياسية الغامضة التي لم تحسم بعد، حيث نفى أوزوالد ضلوعه بحادثة الاغتيال إلا أنه قتل برصاص أحد أصحاب الملاهي الليلية الأمر الذي أثار الجدل أمام العامة حول نظرية المؤامرة في قتل الرئيس وأن أوزوالد ما هو إلا كبش فداء لتبقى حادثة اغتيال كيندي لغزا لم تفك طلاسمه إلى الآن.

فتارة أشارت أصابع الاتهام للماسونية والمخابرات المركزية الأميركية CIA بتصفية كيندي وتارة أخرى إسرائيل بأوامر من بن غريون وأخرى تحمل روسيا والمخابرات الروسية KGB.

ولم تكن حادثة اغتيال كيندي وحدها، التي تحل خيوطها إلى الآن فقد سبقها حادثة اغتيال أخيه روبرت كيندي، التي اكتنفها الغموض أيضا بعدها بخمس سنوات خلال انتخابات الرئاسة الأميركية بعد أن فاز في المرحلة الأولى في عدد من الولايات كمرشح رئاسي للحزب الديمقراطي.

وأدين الفلسطيني سرحان بشارة سرحان، والذي يحمل الجنسية الأردنية بتنفيذ العملية، رغم أن الشكوك ما زالت تحوم حول منفذ العملية وسيناريوهات تحمل عملاء لـCAI المسؤولية عن الاغتيال والحديث عن عدة منفذين لعملية الاغتيال.

كما حملت تفاصيل اغتيال إبراهام لينكولن الرئيس السادس عشر للولايات المتحدة الأميركية عام 1865 علامات استفهام كبيرة حول مدبر عملية الاغتيال، التي نفذها الممثل جون ويلكس بوث، الذي قيل إنه قتل على يد الشرطة.

إلا أنه تبين أن بوث ما زال حيا واعترف بعد الحادثة بعشرة أعوام إلى تورط نائب الرئيس أندرو جونسون في تصفية لينكولن.

عربيا، شكل اغتيال الملك الأردني عبدالله الأول في عام 1951 بإطلاق الرصاص على رأسه وصدره أمام عتبات المسجد الأقصى في القدس قبيل صلاة الجمعة حادثة ملغزة. فقد أشارت أصابع الاتهام للحاكم العسكري الأردني في القدس العقيد عبدالله التل والمفتي السابق للقدس أمين الحسيني مع مجموعة من الفلسطينيين.

وفي عام 2001، مددت بريطانيا فترة الإفراج عن الوثائق المتعلقة باغتيال الملك عبدالله لـ75 سنة إضافية رغم مرور خمسين عاما على تلك الوثائق والتي يسمح القانون البريطاني بالإفراج عن الوثائق السرية بعد خمسة عقود.

كما اكتنف الغموض ظروف مقتل رئيسين لليمن "الشمالي" وهما الرئيس إبراهيم الحمدي في أكتوبر 1977 وأحمد الغشمي عام 1987.

وتشير قرائن الأدلة إلى تورط الرئيس السابق علي عبدالله صالح بظروف مقتل الرئيسين، حيث قتل الحمدي وأخيه في ظروف ما زالت غامضة قبل زيارة مرتقبة إلى عدن لأول رئيس يمني شمالي. أما الغشمي فاستهدف بانفجار عبوة ناسفة في مكتبه الرئاسي أدين على أثرها المبعوث الرئاسي في مكتبه مهدي أحمد صالح.

كما شكلت حادثة مقتل الرئيس الرابع للجزائر محمد بوضياف لغزا عندما اغتيل في يونيو عام 1992 في دار الثقافة بمدينة عنابة بعد غياب عن المشهد السياسي في الجزائر لنحو 27 عاما، حيث لم يمض على حكمة كرئيس سوى سبعة أشهر فقط.

ورغم إدانه مبارك بومعرافي وهو أحد الضباط من الحرس الشخصي لبوضياف بقتل الرئيس بإطلاق الرصاص صوبه، إلا أن ظروف اغتياله بقيت إلى الآن رهن الغموض حيث اتهم البعض المؤسسة العسكرية في الجزائر بالمسؤولية عن مقتله لعزمه على محاربة الفساد.

ورغم توصل لجنة تحقيق بهوية منفذ اغتيال الرئيس الفلسطيني ياسر عرفات واتهام إسرائيل بالتخطيط لها، إلا أن الغموض يكتنف ملابسات وفاته. حيث وافته المنية في نوفمبر من عام 2004 في باريس بعد اكتشاف آثار لمادة البولونيوم 210 المشعة على ملابسه.

وتضاربت الأقوال في وفاة عرفات، إذ يعتقد أن وفاته كانت نتيجة لعملية اغتيال بالتسميم، أو بإدخال مادة مجهولة إلى جسمه. إلا أن ملف التحقيق في فرنسا تم إغلاقه بعد صدور نتائج سلبية عن دخول سموم لجسم عرفات بحسب تقرير طبي فرنسي في المستشفى التي كان يتعالج بها.

وفي فبراير من عام 2005، اغتيل رئيس الوزراء اللبناني رفيق الحريري وسط العاصمة اللبنانية بيروت بتفجير استهدف موكبه. ورغم أن التحقيقات لا تزال جارية إلى الآن، إلا أن أصابع الاتهام تشير إلى تورط ميليشيا حزب الله وقوى لها علاقات بسوريا في تصفيته بسبب نيته تفكيك الميليشيا اللبنانية إضافة إلى الجدل حول قضية التدخل السوري بالشؤون اللبنانية.