بعد مرور 4 سنوات على ثورة 17 فبراير، لا تزال المرأة بليبيا عرضة للتمييز العنصري الذي لم يخرجها من صورتها النمطية رغم دورها البارز. الواقع الذي أبعد المرأة عن مواقع القرار السياسية، وأضيف إليه مؤخرا مسلسل استهداف للبارزات منهن، مما أدى إلى مقتل 5 ناشطات كانت آخرهن انتصار الحصايري في طرابلس.

وفي مسعى لتوثيق بعض الأحداث التي تعكس واقع المرأة في ليبيا، تقوم الطبيبة نعيمة العوامي بتسجيل مشاهداتها لحظة بلحظة في يومياتها مع الثورة الليبية، التي أطلقت عليها اسم "مذكرات أكتوبر".

تعمل نعيمة طبيبة في مركز بنغازي الطبي، ولا تنفك تنتهي من معاينة مريض وكتابة الوصفة له، حتى تسارع الخطى نحو دفترها لتوثيق مشاهداتها.

وقالت العوامي لـسكاي نيوز عربية: "حاولت أن أوثق الجانب الوجداني للحرب بغض النظر عن أي توجه سياسي لأي طرف، فكنت أرصد الأحداث الإنسانية للحرب وكيف أثرت على كل شخص، وعلي أنا تحديدا، كيف تغيرت الطموحات والأحلام وتقلصت إلى مجرد أمنية بالوصول إلى مكان العمل بأمان".

وتبدو مهمة هذه الطبيبة منطقية، ففي ليبيا التي لا ترد فيها أخبار النساء إلا على قائمة الضحايا، سيفوت كتبة تاريخها سرد مغامرات رحلة نعيمة اليومية التي تطول أو تقصر بحسب إيقاع الأحداث المتسارع في البلاد.

 فعلى مقربة من الطرقات التي تسلكها، يقع منزل الناشطة الحقوقية وأبرز مؤسسي المجلس الانتقالي الليبي سلوى بوقعقيص، التي اغتيلت برصاصة في الرأس في منزلها ببنغازي، بعد أيام فقط من مقتل الصحفية نصيب ميلود كرفانة في سبها، لتنضم إليهما بعد فترة قصيرة فريحة البرقاوي في درنا وكل من سارة الديب وانتصار الحصايري في طرابلس.

ودفعت هذه النهايات الثقيلة لخمس ناشطات خلال عام واحد، بالعشرات منهن للبحث عن محطة جديدة للنضال خارج أسوار التناحر.

وقالت الناشطة آمال بوقعقيص لـسكاي نيوز عربية: "خرجت من البلاد بعد مقتل ابنة عمي، والتهديدات الكثيرة التي تلقيتها، وكان هناك دافع رئيسي لخروجي لاسثتئناف قرار المحكمة الدستورية".

 وشددت بوقعقيص إلى دور المرأة الكبير في الأحداث المفصلية التي شهدتها ليبيا خلال الأعوام الأخيرة، لافتة إلى أن الثورة التي أطاحت بالزعيم الراحل معمر القذافي، بدأت بتظاهرة نسائية ليل الخامس عشر من فبراير.

وواكب نضال المرأة الميداني في الثورة، نضال من نوع آخر، فبعدما تكشف أن ثمة من يحاول ترجمة حضورها في الثورة غيابا في التحرير، وتغييبا في عملية صنع القرار، بدأت معركة جديدة، أثمرت تمثيلا بنسبة تجاوزت 17% في البرلمان والمؤتمر الوطني المنحل، فيما اقتصرت على 10% في الهيئة التأسيسية للدستور وحقيبتين وزارتين في الحكومات المتعاقبة.

 وقالت الناشطة زهراء لانغي لـسكاي نيوز عربية: "لا أعتقد أن مشاركة المرأة السياسية في ليبيا تقتصر على جانب التمثيل في السلطات التشريعية، دون معالجة موضوع السلاح والكتائب المسلحة".

وتابعت: "من سخرية القدر أن سلوى بوقعقيص كانت تحث النساء والشباب على الإدلاء بأصواتهم يوم 26 يوليو، ولكن وجود السلاح لم يقض على صوت سلوى إنما قضى على سلويات أخريات، وجود السلاح مع تمثيل رقمي للمرأة ليس كافيا".

ورغم الصعوبات التي تواجهها المرأة في ليبيا اليوم، إلا أن الحراك النسائي في البلاد لم ولن يتوقف، بحسب آلاف الناشطات اللاتي أكدن عزمهن على استكمال المسيرة الساعية لاقتناص حقوق المرأة في البلاد.