بلباس أمازيغي أصيل وابتسامة لا تفارق محياها وعفوية في الحديث، اشتهرت هنو أوماروش بكفاحها ودفاعها عن حقوق المرأة القروية في المغرب.
وتتمتع هنو الملقبة بأيقونة العمل المدني في الجنوب الشرقي للمملكة، بجرأة في طرح قضايا تهم النساء القرويات بغرض كشف حجم معاناة هذه الفئة في المناطق البعيدة وحجم احتياجاتهن، خصوصا في مجال الصحة والتعليم والعمل.
وعن سن يناهز 62 عاما، تمثل هنو حالة متفردة بفضل نضالها الذي لا يلين، ونكران ذات لا مثيل له في مساعيها الرامية إلى إيجاد حلول كفيلة بتمكين المرأة القروية من حقوقها، والدفع باتجاه انخراطها في جميع الميادين.
كسر قيود العزلة
قبل 9 سنوات، تعرف المغاربة على هنو أوماروش حينما وجهت رسالة إلى العاهل المغربي الملك محمد السادس، دعته فيها لزيارة قريتها ومسقط رأسها بإقليم تنغير جنوب شرقي المملكة، للوقوف على واقع المنطقة.
نداء وجهته عبر لقاء تلفزيوني ولاقى انتشارا واسعا، وساهم على حد قولها في تسليط الضوء على شخصيتها المتفردة على الصعيد الوطني، وسمح لها بإيصال صوتها، ومن خلاله صوت المرأة الجبلية، إلى أرجاء المملكة.
وتضيف هنو في حديث مع موقع "سكاي نيوز عربية"، أن خطوتها لاقت تفاعلا واسعا وحظيت بتقدير كبير داخل قريتها وخارجها، وهو ما حفزها لبدل المزيد من الجهد لإيصال صوت تلك الفئة من النسوة اللواتي يمضين جل يومهن في العمل المضني في الجبال، ولا يحظين بكل حقوقهن الأساسية.
وتتابع هنو أنه، وبحكم احتكاكها بهذا الواقع الهش عن قرب، انخرطت في لقاءات عديدة على المستوى المحلي والوطني والدولي أيضا، للتعبير عن مواقفها بكل جرأة، والتعريف بمعاناة النساء القرويات.
صوت نساء الجبل
في سن 12 عاما وبعد مرور 5 أيام فقط عن زواجها، وجدت هنو نفسها امرأة مطلقة، ومنذ ذلك الحين قررت أن تحمل على عاتقها واجب الدفاع عن قضايا المرأة القروية المهمشة.
تقول هنو إن زواجها في سن صغير وما خلفه طلاقها بعد ذلك من معاناة، شكل الوقود الذي أشعل الحس النضالي بداخلها، حيث كانت أول مطالبها منع زواج القاصرات دون السن القانونية.
ولم يكن اهتمام هنو بوضعية المرأة القروية اعتباطيا، إذ تؤكد على أن تركيزها على ذلك نابع من تجربتها الشخصية التي عاشت خلالها صعوبات في الولوج إلى التعليم والنقل والعلاج، وغيرها من أبسط الحقوق الأساسية التي ظلت بعيدة المنال في قريتها.
وتعترف المناضلة الأمازيغية بتحسن الوضع في منطقتها خلال السنوات الأخيرة، ملحة على أهمية توفير ظروف العيش الكريم لساكنة القرى عموما وللنسوة القرويات بشكل خاص، عبر خلق مناصب شغل وتجويد البنيات التحتية.
إلى عالم السياسية
رغبة هنو في المساهمة في التنمية الاجتماعية في منطقتها اقترنت بطموحها لاقتحام عالم السياسة، وهو ما تحقق فعلا بعد انتخابها سنة 2021 عضوا بالمجلس المحلي لقرية تلمي التابعة لإقليم تنغير.
وتؤكد السيدة على أن المنصب مكنها من الاطلاع عن كتب ومن زوايا متعددة على الأوضاع في المنطقة، والانخراط إلى جانب باقي مكونات المجس وفي إطار تشاركي في إيجاد الحلول.
وتؤكد على أن السنوات الأخيرة شهدت اهتماما أكبر بتنمية المناطق القروية بفضل برامج وضعت لتقليص الفوارق الاجتماعية، داعية إلى ضرورة بذل المزيد من الجهود إيمانا منها بأن إنصاف المرأة القروية يعد من صميم تحقيق العدالة الاجتماعية.
وتقف الناشطة الحقوقية على تغيير ملموس لواقع نساء وشباب المنطقة مقارنة بسنوات مضت، مستندة في ذلك إلى ما بدأت تلمسه لديهم من انخراط في الدفاع عن حقوقهم والمطالبة بالتنمية في مناطقهم.
تمثيل المغرب في الصين
في سنة 2018، لقبت هنو بسفيرة المواطنة المدنية، واختيرت لتمثل المغرب ضمن وفد رسمي زار الصين لحضور لقاء دولي، ولفتت السيدة حينها الأنظار بلبسها الأمازيغي وحيويتها وحماسها الكبير في معالجة قضايا المرأة والدفاع عنها.
وتقول إن هذه التجربة قد شكلت محطة مهمة في حياتها، حيث سمحت لها بالوقوف على أحوال النساء في دول أخرى، وتوجت الزيارة التي شملت عددا من المدن الصينية بتوقيع اتفاقيات لدعم النساء القرويات والدفع بتحسين أوضاعهن.
وتدعو هنو إلى ضرورة إيلاء المزيد من الاهتمام بالمرأة القروية، وخلق فرص عمل تضمن لهن عيشا كريما، مع تشجيعهم على اقتحام عالم السياسية من أجل الدفاع عن حقوقهن أسوة بالرجال.