تتزايد معدلات الطلاق في مصر بصورة ملحوظة الأمر الذي يدق ناقوس الخطر لضرورة رصد التغير الاجتماعي الحادث في المجتمع والعمل على إعادة التماسك للأسر ما يكفل خروج أجيال متزنة نفسيا واجتماعيا تخدم أهداف الدولة وطموحاتها في تحقيق مستقبل أفضل لأبنائها.
وكان الجهاز المركزي للتعبئة العامة والإحصاء في مصر قد وثق عدداً من المؤشرات الإحصائية المتعلقة بالأسرة المصرية، والتي بيّنت ارتفاع حالات الطلاق بنسبة 14.7% خلال عام واحد، فضلا عن حالات الطلاق على مستوى الجمهورية وفقاً لآخر إحصاء لعام 2021 قد بلغت 254,777 حالة طلاق، مقارنة بالعام الذي سبقه والذي شهد تسجيل 222,039 حالة طلاق.
ويرى الدكتور جمال فرويز، استشاري الطب النفسي أن التغير الاجتماعي الذي حدث خلال آخر 50 عاما هو نتيجة لتغيير ثقافي، مضيفا أن مصر تعرضت للاحتلال الإنجليزي لأكثر من 70 عاما ولم تتغير ثقافتها في ظل وجود الأزهر الشريف، وقبل ذلك تعرضت للاحتلال الفرنسي وهي دولة شهيرة بتأثيرها الثقافي، لكنها فشلت أيضا في تغيير ثقافة الشعب المصري، بعكس دول أخرى تعرضت للاحتلال وتغيرت ثقافتها بالكامل.
وأضاف فرويز لسكاي نيوز عربية أن أهم أسباب التغير الاجتماعي الذي حدث في مصر هي:
• الازدواجية الدينية حيث أصبح التدين شكليا يعتمد على المظاهر سواء للمسلمين أو المسيحيين دون انعكاس ذلك على السلوك الفعلي للفرد.
• سوء العلاقات بين الآباء والأمهات وأولادهم وسوء علاقات الأقارب مع بعضهم.
• بروز جرائم جديدة غير معتادة على المجتمع وزيادة نسبة العنف فيه، مثل حالات القتل بين الأقارب سواء من أجل الورث أو غيره.
• اختفاء صور زواج المحبة والمودة والسكينة، وزيادة حالات الزواج التي تعتمد على الطمع المادي أو الاجتماعي أو حتى لمجرد الإعجاب بين شابين دون النظر للعوامل التي تضمن استمرار الزواج.
• مواقع التواصل الاجتماعي التي زادت الطين بلة وباتت تترصد الفضائح لنشرها.
• هذه العوامل انعكست على سوء العلاقات بين الأزواج والزوجات وزادت حالات الطلاق.
وشدد فرويز على ضرورة إنقاذ المجتمع خلال الأعوام العشرة المقبلة كحد أقصى من هذا التغير الاجتماعي حتى لا يتجه للأسوأ وذلك من خلال ثورة ثقافية تمنع الانهيار الاجتماعي والأخلاقي، وتعيد الشخصية المصرية النهرية التي تعتمد قيم الحب والخير والسلام مرة أخرى.
من جانبها رصدت أسماء مراد، اخصائية علم الاجتماع والإرشاد الأسري والوعي الأنثوي لسكاي نيوز عربية أسباب زيادة حالات الطلاق في مصر:
• في الماضي كان هناك تمسك بالعادات والتقاليد والمواريث أكثر من الوقت الحالي.
• لم يكن للنساء مورد مالي إلا الأزواج فكانت المرأة تتمسك بالأسرة بسبب حاجتها المادية.
• حرية النساء في العمل زادت من استقلالها وقللت احتياجها المادي للزوج.
• لو أتيحت نفس الحرية في الماضي بنفس القدر الحالي كانت نسبة الطلاق ستقترب من الوقت الحالي حتى لو كانت أقل قليلا.
• يتم الحكم على المتقدم للزواج في كثير من المواقف وفقا لقدرته المالية وتوفير متطلبات الزواج المادية من مسكن وسيارة وغيرها دون النظر لطرق التفاهم بين الرجل والمرأة عندما يجمعهم بيت واحد في الواقع.
• الزواج السريع يؤدي لطلاق سريع ما لم يكن هناك استعداد كامل وتأهيل في مرحلة ما قبل الزواج.
• المسلسلات في الآونة الأخيرة تعطي نماذج سيئة لفتيات تعيش بمفردها، وهو ما يضع أفكار الحرية في عقول الفتيات بشكل خاطئ، وتشجعها على أن تعيش بمفردها وتتمرد على أهلها وتتمنى حياة الذكورة على أمل الحرية والاستقلال دون الرغبة في الزواج إلا لهدف الإنجاب فقط.
• وسائل التواصل الاجتماعي فاقمت من التفكك الأسري في معظم المجتمعات.
وتنصح المختصة في الإرشاد الأسري بضرورة الاهتمام بهذه الجوانب لإعادة التماسك للأسرة المصرية:
• الاهتمام بالتربية والتنشئة الاجتماعية لأن الأبناء يتأثرون بآبائهم ويزيد تأثر الذكر بأبيه، فيما تتأثر الأنثى أكثر بالأم التي تعتبر أول مدربة للوعي الأنثوي في حياتها.
• التنشئة الاجتماعية السليمة تفترض ألا تكون المرأة مجرد خادمة، وإنما تتفاهم مع زوجها وتساهم في حل المشاكل التي تواجههم وتكون هناك حرية للرأي للسيدة ولا تكون مستعبدة.
• لا بد من إجراء دراسة جدوى للحياة الزوجية في جوانبها كافة.
• عمل دورات تأهيل ما قبل الزواج، وتوضع كشرط أساسي من المسؤولين لإتمام الزواج.