تفجرت أزمة بين وزارة السياحة والآثار بمصر، والمتحف الوطني للآثار في ليدن بهولندا، بسبب اتهام الأخير بـ"تزوير التاريخ" المصري القديم، ما دفع السلطات بالقاهرة لمنع البعثة الهولندية من استكمال أعمال التنقيب بمنطقة سقارة جنوبي الجيزة، بحسب ما أكد مسؤول حكومي مصري لموقع "سكاي نيوز عربية".
تفاصيل الأزمة نشرت فصولها في البداية الصحف الهولندية ومفادها أن إدارة البعثات الأجنبية بوزارة السياحة والآثار المصرية أرسلت بريدا إلكترونيا إلى إدارة المتحف الوطني للآثار RMO في ليدن بهولندا تخبره بمنع البعثة الهولندية التابعة للمتحف من استكمال أعمالها في التنقيب بمنطقة سقارة.
والسبب ما وصفته السلطات المصرية بانتهاج المتحف الهولندي لأفكار ودعوات الأفروسنتريك ومحاولة تزوير التاريخ المصري القديم.
جاء ذلك بسبب إقامة المتحف الهولندي لمعرض فني باسم "كيميت" بدأ منذ أبريل الماضي ويستمر حتى سبتمبر المقبل، واستضاف فيه فنانين مثل بيونسيه وريهانا، ويعرض المتحف خلال المعرض رسومات مصرية قديمة بجانب رسومات لأشخاص ذات بشرة داكنة.
السلطات المصرية اعتبرت أن ما فعله المتحف الهولندب ترويج للمركزية الأفريقية أو الأفروسنتريك، بينما ترى إدارة المتحف أن هدف المعرض إظهار مدرسة مصر القديمة والرسائل الموسيقية للفنانين السود، وكذلك إظهار ما يكشفه البحث العلمي عن مصر القديمة والنوبة، ويخوض رحلة عبر تاريخ الموسيقى ويبحث في تأثير مصر القديمة والنوبة في أعمال العديد من الموسيقيين الأفارقة، بما في ذلك أيقونات موسيقى الجاز مثل مايلز ديفيس وسان را.
وكانت البعثة الهولندية قد بدأت أعمال التنقيب السنوية في مصر منذ 40 عاما وأحدث أعمال التنقيب التي قامت بها في سقارة كانت في الفترة من 19 فبراير إلى 23 مارس الماضي، لكن وزارة الآثار المصرية رفضت منحها تصريحا لموسم التنقيب المقبل.
من جانبه كشف مدير عام منطقة آثار سقارة، محمد يوسف لموقع "سكاي نيوز عربية" أن إدارة المنطقة الأثرية في سقارة لم يرد لها ما يفيد بتجديد التصريح الخاص بالبعثة الهولندية.
وأوضح أنه في هذا الوقت ترد إلى إدارة المنطقة الأوراق التي تفيد تجديد تصاريح البعثات العاملة بالتنقيب في المنطقة للموسم المقبل، ولكن تصريح البعثة الهولندية لم يصل من إدارة البعثات الأجنبية بالوزارة.
من جانبه قال عالم الآثار المصري الشهير، زاهي حواس في تصريح لموقع "سكاي نيوز عربية" إن:
* المتحف الوطني الهولندي أخطأ خطأ جسيما بمحاولته إرضاء فئة معينة من الناس، تلك الفئة التي تروج للأفروسنتريك.
* المتحف أقام معرضا عن مصر القديمة وأحضر المشاهير لإظهار أن المصريين القدماء كانوا من ذوي البشرة الداكنة، وهو ما تروج له جماعات المركزية الأفريقية.
* إدارة المتحف فعلت ذلك رغم أن لديهم بعثة تعمل لدينا في منطقة سقارة ويعلمون جيدا حقيقة التاريخ المصري القديم وأن ما تروجه جماعات الأفروسنتريك تزييف وتزوير.
* بالتالي فإن قرار السلطات المصرية بوقف أعمال البعثة الهولندية في سقارة وفي مصر عموما هو قرار صائب 100 ٪.
* كل من يعمل في مصر من البعثات الأجنبية لابد أن يحترم التاريخ المصري، وإلا فلن يتم السماح له بالعمل في مصر.
من جانبها أعلنت إدارة المتحف الوطني الهولندي أنها تحاول إجراء حوار مع السلطات المصرية حول هذه الأزمة.
وتأتي هذه الأزمة بعد أسابيع من أزمة أثارها فيلم وثائقي درامي أنتجته منصة نتفليكس الأميركية ويظهر الملكة الفرعونية الشهيرة كليوباترا سوداء، في حين أن وزارة الأثار المصرية أصدرت توضيحا قالت فيه إن هذا تزييف للتاريخ وإن كل الدلائل تؤكد أن كليوباترا كانت ذات بشرة فاتحة اللون.
وأشارت وزارة الآثار المصرية أن غضبها ليس متعلقا بأصحاب البشرة السوداء الذين تقدرهم وتحترمهم، ولكن الأمر له علاقة برفض تزييف الواقع التاريخي منوهة إلى أن هذا التزييف يأتي ضمن ما تردده جماعة المركزية الإفريقية، حول نسب الحضارة الفرعونية إلى الأفارقة السود.