بعد أسابيع من إطلاقها، ما تزال حملة "الرجولة الإيجابية" في المغرب، تثير جدلا واسعا داخل المجتمع وعلى مواقع التواصل الاجتماعي.
الحملة الموجهة إلى توعية الرجال المغاربة نظمتها وزارة التضامن والإدماج الاجتماعي والأسرة، تدعو إلى إنصاف المرأة، لكن البعض اعتبرها مستفزة وتنتقص من قيمة الرجل، وقابلها بالرفض وأحيانا بالتنمر.
وظهر فنانون وإعلاميون مغاربة على شاشات التلفزيون وهم يدعون إلى ضرورة تقاسم أعباء البيت وعدم إثقال كاهل المرأة سواء كانت عاملة أو ربة بيت.
وهدفت كبسولات تم إذاعتها إلى تقديم صورة إيجابية للأدوار التي يمكن أن يقوم بها الرجال عبر مساندتهم النساء داخل البيت، وتخفيف أعبائهن.
تغيير العقليات
تعليقا على الموضوع، قال صامد غيلان، إعلامي مغربي مشارك في الحملة، إن الهدف هو تغيير الفكرة المتداولة التي تقول إن النساء يتكفلن بشؤون البيت والأبناء، وبأن الرجال غير معنيين بذلك، ومساهمتهم تتوقف عند الجانب المادي.
وأضاف في حديث مع "سكاي نيوز عربية" أنه "في الوقت الذي أصبح فيه النساء والرجال يعملون خارج البيت، ارتأينا أن نهون من الثقل الذي تحمله المرأة داخل البيت، عن طريق حث الرجال على مساعدتها في بعض الواجبات المنزلية كأعباء المطبخ، أو تغيير حفاظات الأطفال، وتنظيف المنزل وغسل الثياب".
"حساسية مفرطة"
الإعلامي الشاب أكد أن "هذا الموضوع، أضحى مثار جدل في المجتمع المغربي، بفضل جمعيات حقوقية تثير الانتباه إلى ضرورة تعاون الرجل والمرأة داخل البيت، وقد أثارت هذه المبادرة توجس بعض المتابعين الذين غالبا ما يعتبرون أي دعم للمرأة بمثابة تهديد لثوابت المجتمع، لأنهم يظنون أن الأمور تبدأ من هنا للانتقال إلى نقاشات أخرى كالمساواة في الإرث، على سبيل المثال".
وتابع غيلان أن "هناك حساسية مفرطة من هذا النوع من المواضيع"، مؤكدا أن الأمر لا يعدو أن يكون دعوة إلى إنصاف المرأة، لأنها لا يمكن أن تتحمل لوحدها أعباء البيت والعمل خارجه، وهو بمثابة اعتراف بجهودها وتكريم لها، مضيفا أن الحملة تبتغي فقط المساهمة في إحداث مجتمع متوازن، يؤاخي بين المرأة والرجل ويزرع الوئام بينهما، ويكون ملهما للأجيال الناشئة.
وزاد غيلان أن الأسرة لا يجب أن تُدار بمنطق الشركة وتوزيع المهام بطريقة جافة، لأن للزوجين فيها مسؤولية مشتركة ومصيرا مشتركا وأبناء يعيشون في كنفها ويحتاجون للدفء.
ضرورة توعية الناشئة
من جهتها، ثمنت بشرى عبدو، رئيسة جمعية التحدي للمساواة والمواطنة، هذه المبادرة، معتبرة أن العمل على تغيير العقليات هو شيء مهم.
وأكدت أن إشراك الرجال في هذه الحملة يعد أمرا محمودا على اعتبار أنهم نصف المجتمع، ويمكنهم التأثير على بعضهم البعض، من أجل إرسال التضامن بين الرجل والمرأة.
وأفادت في تصريح خصت به "سكاي نيوز عربية"، بأن الجمعية التي تترأسها، أطلقت في سنة 2018، حملة مماثلة تحت شعار "شقا الدار ماشي حكرة" بمعنى "مهام البيت ليست إهانة"، بهدف التشجيع على تقاسم مهام المنزل بين الرجال والنساء، وكان لها وقع إيجابي، إذ تم ربطها بالفصل 49 الذي يُعنى بتقسيم الممتلكات، حتى يكون العمل المنزلي منتِجا ومؤدَّى عنه.
وأبرزت عبدو أنها إلى جانب جمعيات أخرى، تقوم بعمليات توعوية حول النوع الاجتماعي ومواضيع أخرى، داخل المدارس لترسيخ المساواة بين الذكور والإناث، وتلقينهم مبادئ المناصفة، بغرض إعداد جيل جديد من الشباب الواعي بمسؤولياته.
الحد من العنف
يشار إلى أن وزيرة التضامن عواطف حيار، أعطت انطلاق الحملة في 29 مارس، وقالت في تصريحات صحفية، إن اختيار موضوع “الرجولة الإيجابية” يأتي من منطلق أنّ الحد من ظاهرة العنف ضد المرأة، يعني جميع أفراد المجتمع ذكورا وإناثا.
واعتبرت الحملة التوعوية "دعوة إلى حث الرجال على الانخراط في مكافحة العنف ضد النساء، وتعزيز مفهوم الرجولة الإيجابية لديهم، ولدى الفتيان، لفائدة المساواة بين الجنسين، وتشجيع الرجال على الإسهام في المجهودات التي تروم الحد من العنف القائم على النوع الاجتماعي، وتحسيس المجتمع بالأدوار الإيجابية التي يقوم بها الرجال والفتيان لتحقيق المساواة بين الرجال والنساء".