أطلقت جمعيات نسائية بمدينة الدار البيضاء غربي المغرب حملة "بغاتها الوقت نبدلوا القانون" (بمعنى حان الوقت لتغيير القانون)، بهدف الحث على صياغة تشريعات ضامنة للمساواة بين الجنسين وتحييد بعض القوانين التي يعتبرها البعض مُجحفة في حق النساء.
واعتبرت الوزيرة السابقة نزهة الصقلي التي تقود الحملة، خلال تصريحات صحفية، أن هذا المشروع تم العمل عليه لأزيد من سنتين، وتمخضت عنه سلسلة من التوصيات.
وتطالب الحملة التي تعرف مشاركة عدة حركات نسائية، بالعدالة والمساواة وحماية النساء من الاستلاب والاستغلال.
وحسب المشرفين على "بغاتها الوقت"، نسجت المطالب على ضوء فلسفة تتلاءم مع مقتضيات الدستور المغربي، وكذا الاتفاقات الدولية التي صادقت عليها الرباط.
قوانين أصبحت مُتجاوزة
وأكدت الناشطة في ائتلاف "خارجات عن القانون" نرجس بنعزو أن بعض مقتضيات القانون الجنائي المغربي أصبحت مُتجاوزة، نظرا لكونها تعود للستينيات من القرن الماضي، حيث "بعضها تم سَنُّه تحت الحماية الفرنسية، ولم يعدل أو يعاد النظر فيه، ولا يزال يُطبق إلى اليوم على المجتمع المغربي الذي عرف تطورا كبيرا منذ ذلك الوقت".
وأبرزت في حديث مع موقع "سكاي نيوز عربية"، أن مدونة الأسرة عرفت مراجعة مهمة عام 2004، غير أن بعض النصوص المتضمنة بها تحتاج لمزيد من التوضيح لمسايرة المجتمع والتغيرات التي تطرأ عليه، مضيفة أن "الائتلاف الذي تنتمي إليه، قام بعمل كبير لتسليط الضوء على نصوص القوانين التي تحتاج للتحيين، على ضوء دستور 2011، والاتفاقات الدولية التي صادق عليها المغرب".
نرجس بنعزو كشفت أن الائتلاف أصدر دليلا مكونا من 120 صفحة، يتناول مكامن الخلل في المنظومة القانونية المغربية، من بينها على سبيل المثال لا الحصر، قوانين حضانة الأطفال بعد الطلاق، والإرث، والمتعلقة بالحريات الشخصية، والإجهاض، وزواج القاصرات.
وأكدت في هذا الصدد، أن الحملة تدعو لمنع بعض الممارسات التي تُرتكب في حق المرأة بسبب قوانين أكل عليها الدهر وشرب.
خطوات كبيرة على درب المناصفة
من جانبها، أكدت النائبة البرلمانية السابقة والمستشارة الجماعية بمجلس مدينة الرباط، ابتسام عزاوي، أن المغرب يخطو بثبات على درب تحقيق المناصفة بين الرجل والمرأة، إلا أنها لا تزال دون طموحات المرأة المغربية.
وأضافت لموقع "سكاي نيوز عربية"، أن المغرب في حاجة إلى جيل جديد من الإصلاحات الجريئة، بغية تنزيل كامل لمقتضيات الدستور، مع الحفاظ على مميزات وخصائص الهوية المغربية المرتبطة على مدى قرون بثوابتها وأصولها، والتي تتطلع في الوقت ذاته إلى الاستفادة من إيجابيات الحداثة.
جدل بسبب الحملة
لم تمر حملة "بغاتها الوقت" مرور الكرام، حيث أثارت جدلا كبيرا في أوساط المجتمع المدني وعلى مواقع التواصل الاجتماعي، حيث اعتبر نشطاء أن مطالب الجمعيات التي تقود الحملة لا تتناسب مع طبيعة المجتمع المغربي.
وعبر عدد من المتابعين عن رفضهم لما تنطوي عليه هذه الحملة، التي تضع ضمن مطالبها مراجعة قوانين الإرث والإجهاض، معتبرين أنها تتنافى مع القيم المغربية التي تنبنى إلى حد كبير على مبادئ الإسلام.
ورش المدونة
في خضم النقاش حول تعديل مدونة الأسرة، الذي بدأ منذ سنوات، فتح الملك محمد السادس ورشا كبيرا للإصلاح، خلال خطاب العرش الذي ألقاه في 30 يوليو 2022، ينبني على مشاورات مكثفة تبتغي النهوض بوضعية الأسرة المغربية والحفاظ على مكاسبها.
ومن حيث المنهجية، أكد العاهل المغربي، على اعتماد مقاربة تعددية وتشاورية "في إطار مقاصد الشريعة الإسلامية، وخصوصيات المجتمع المغربي، مع اعتماد الاعتدال والاجتهاد المنفتح، والتشاور والحوار، وإشراك جميع المؤسسات والفعاليات المعنية".
وتابع: "بصفتي أمير المؤمنين، وكما قلت في خطاب تقديم المدونة أمام البرلمان، فإنني لن أحل ما حرم الله، ولن أحرم ما أحل الله، لا سيما في المسائل التي تؤطرها نصوص قرآنية قطعية".
ويشارك في حملة "بغاتها الوقت" عدة فنانات للترويج لها على أوسع نطاق، من بينهن لبنى الجوهري، والسعدية لديب، وفاطمة الزهراء قنبوع، وصوفيا بلكامل، وفاطمة الزهراء الجوهري، حيث نشرن فيديوهات توعوية حول الحملة على صفحاتهن على مواقع التواصل الاجتماعي، للتحدث وفقا للمشرفين على الحملة "نيابة عن جميع النساء اللواتي يعانين من قوانين مجحفة وظالمة، ويقمن بإعلاء أصواتهن وقضيتهن من أجل مغرب ينصف كل مواطن ومواطنة".