رغم نيران المعارك المحتدمة بالقرب منه، لم توصد سوق حلايب غربي مدينة أم درمان السودانية أبوابها في وجه المرتادين وأغلبهم من الشرائح الفقيرة، واستطاعت الحفاظ على جزء من زخمها المعهود وهي تقدم خدماتها للبسطاء في عمليتي البيع والشراء، وبأسعار منخفضة.

ومع تدهور الأوضاع المعيشية في السودان، وجد العديد من سكان الخرطوم متنفسا في سوق حلايب، بعد أن ظلوا يرتادونها حاملين مقتنيات منزلية مستعملة لبيعها والاستفادة من عائداتها لشراء المواد الغذائية، التي نفدت عن غالبية السكان في ظل انسداد مصادر دخلهم بسبب الحرب المحتدمة بين الجيش وقوات الدعم السريع منذ منصف أبريل الماضي.

وتعد "حلايب" واحدة من أكبر أسواق التجزئة في منطقة العاصمة السودانية، وتشهد نشاطا مكثفا في بيع وشراء المقتنيات المستعملة، من أثات وأدوات منزلية وأجهزة كهربائية وملبوسات، كما تضم متاجر للمواد الغذائية المختلفة تمتاز بأسعارها الرخيصة مقارنة بالأسواق الأخرى.

فوهة المدفع

وتباشر سوق حلايب عملها بشكل يومي، لكن تبلغ ذروتها الجمعة من كل أسبوع، حيث يقصدها السكان من مختلف أنحاء العاصمة بغرض بيع مقتنياتهم المستعملة لقضاء احتياجات معيشية أو شراء مستلزمات أخرى.

وما يزال هذا الحراك مستمرا مع تراجع في زخمه قليلا، وفق متعاملين فيه، وذلك رغم أن السوق تبعد بضعة كيلومترات عن قاعدة وادي سيدنا العسكرية ومعسكرات حربية أخرى.

ويقول أحمد حامد، وهو أحد تجار الملابس المستعملة في سوق حلايب، لموقع "سكاي نيوز عربية": "نحن هنا لأجل الفقراء والمساكين. قررت مواصلة عملي لتلبية احتجاجات زبائني وهم من الشرائح الضعيفة ماديا. نسعى لمساعدتهم في شراء ملابس بجودة عالية ومتينة وبأسعار رخيصة مقارنة بالملابس الجديدة. فتحت متجري رغم درايتي أن الملابس ليس من ضمن أولويات الناس في هذا الوقت لكن ارتباطي الوجداني بهذا المكان دفعني للبقاء فيه حتى هذه اللحظة".

يُعد "حلايب" واحد من أكبر أسواق التجزئة في العاصمة السودانية

وبدت الحركة في سوق حلايب، الجمعة، أي بعد 3 أسابيع من اندلاع المواجهات المسلحة بين الجيش وقوات الدعم السريع، خفيفة بعض الشيء مقارنة بالأيام التي سبقت الحرب، لكن لا يزال الكثير من سكان العاصمة، خاصة من المناطق القريبة، يقصدونها باستمرار للحصول على احتياجاتهم المنزلية والمعيشية.

وبحسب عبد الناصر أبكر، وهو صاحب متجر لبيع الأثات المنزلية، فإن "عمليات الشراء انخفضت كثيرا مقارنة بالأيام التي سبقت الحرب، لكن في المقابل هناك تزايد في العرض من جانب المواطنين الذين ظلوا يأتون بمقتنيات مختلفة من أجهزة كهربائية وأثات منزلية بغرض بيعها ربما لقضاء احتياجات معيشية".

ويقول أبكر لموقع "سكاي نيوز عربية": "أثرت الحرب بشدة علينا في سوق حلايب، لكن لا نزال نمارس عملنا فيه على أمل أن نستفيد ونفيد غيرنا من الناس في ظل هذه الظروف العصيبة، فضلا عن أن وجودنا بالسوق سيشكل تأمينا وحماية للمحال التجارية من عمليات النهب والسلب التي انتشرت في العاصمة".

أخبار ذات صلة

إطلاق نار على سيارة السفير التركي في السودان
حميدتي يرحب بمحادثات السودان في جدة.. ويتمسك بموقفه

شح السيولة

الماحي شاب في العقد الثالث، وهو واحد من الذين قصدوا سوق حلايب حاملا شبابيك منزلية بغرض بيعها لشراء مواد غذائية لعائلته، لكن لم يوفق في مسعاه حتى وقت متأخر من النهار بعد أن اصطدم بركود كبير في حركة البيع والشراء، إلا أن آخرين مثله حالفهم الحظ وعثروا على ما كانوا يصبون إليه.

ويقول الماحي لموقع "سكاي نيوز عربية": "أجد نفسي مضطرا لإعادة هذه الشبابيك إلى منزلي، فلا أحد تحدث معي بشأن شرائها منذ قدومي في وقت مبكر هذا اليوم، وعليّ البحث عن مقتنيات أخرى من بيتي يسهل بيعها".

من جهة أخرى، يشير التاجر بسوق حلايب محمد حامد، إلى أن ضعف عمليات الشراء والبيع يعود بشكل أساسي إلى شح السيولة النقدية لدى المشترين وأصحاب المحال التجارية على حد سواء، حيث ظلت البنوك والمصارف التجارية مغلقة أمام العملاء لأكثر من 3 أسابيع بسبب الصراع المسلح الدائر في السودان.

ويرى حامد أيضا أن "الانفلات الأمني الكبير وانشار عصابات السلب والنهب حرم المواطنين في المناطق البعيدة من الوصول إلى السوق خوفا على حياتهم وممتلكاتهم، مما قلل الزخم السابق، لكن تبقى سوق حلايب النصير الأبرز للشرائح الاجتماعية الضعيفة في ظل هذه الظروف الاستثنائية".