لا تهدأ طرابلس عاصمة الشمال اللبناني في شهر الصوم، فهي تُعرف بـ"مدينة رمضان"، إذ يتميز هذا الشهر فيها بمجموعة من الطقوس والشعائر الدينية التي اعتاد سكانها إحياءها وتميزوا بها، في العشر الأواخر منه.
ويزداد عدد الزوار من الداخل اللبناني خلال هذا الشهر في طرابلس، للاطلاع على طقوسها الخاصة، التي تتميز بها عن باقي المدن البلاد.
فرق الوداع
وإيذانا بدخول الأيام العشر الأواخر من شهر الصيام، بدأت "فرق الوداع" في طرابلس تجول في الأحياء، حاملة معها الطبول والصنوج والدفوف، فيما تنشد موشحات دينية وتنتقل بين الأبنية والمحال التجارية .
ولتقديم صورة أوضح عن هذه الطقوس، تحدث رئيس لجنة الآثار والسياحة والتراث في بلدية طرابلس، عضو المجلس البلدي، خالد تدمري، لموقع "سكاي نيوز عربية"، قائلا:
- "هذه الطقوس لا تزال قائمة في طرابلس رغم التطور وتغير الأزمنة، إذ تستمر منذ رواجها في العهد العثماني، لتُذكّر بضرورة مساعدة الآخرين والتمسك بالعطاء والكرم".
- "ارتفاع عدد السكان في المدينة زاد من دور فرق الوداع، حيث كانت تكتفي بتجوّلها في آخر أيام رمضان، لكن بسبب الكثافة السكانية التي ازدادت بشكل واضح مؤخرا، يضطر هؤلاء للتجوّل في الشوارع بدءاً من العشر الأواخر، أو بعد انتصاف شهر رمضان".
طرابلس "مدينة رمضان"
تدمري أشار إلى أن طرابلس تعرف في لبنان بأنها "مدينة رمضان"، معللا ذلك بالقول:
- "كل ما يتبع رمضان من عادات وتقاليد وتراث، متوفر في طرابلس، إضافة إلى أن الروحية الدينية التي تطبع المدن في رمضان تكون جلية فيها".
- "تعيش مساجد طرابلس وأزقتها التاريخية في العُشر الأخير من رمضان، أجواء خاصة، فتكون المدينة في حالة من البهجة، وتصدح في هذه الليالي مساجد طرابلس بالتهليل والموشحات الدينية حتى طلوع الفجر".
زيارة "الأثر النبوي"
تدمري أكد أنه "تقام طيلة رمضان أنشطة مختلفة، مثل ختمة القرآن الكريم في آخر جمعة من شهر رمضان، ومن أهم الأحداث في طرابلس أيضا، زيارة غرفة الأثر النبوي الشريف داخل المسجد المنصوري الكبير في قلب المدينة". وأضاف:
- "الأثر الذي تشرفت طرابلس باستقباله كهدية من السلطان عبد الحميد الثاني سنة 1309 هجرية، كعربون محبة من السلطان تجاه أبناء المدينة".
- "الهدية كانت ردا على تأسيس أبناء طرابلس مسجدا باسم السلطان الحميدي، فأرسل لهم السلطان شعرة من لحية الرسول محمد، من تلك المحفوظة في دائرة الأمانات المقدسة داخل قصر توكابي في إسطنبول".
- "أصبحت زيارة الأثر النبوي متعلقة بشهر رمضان، خاصة في آخر يوم جمعة، كما هي العادة المتبعة في إسطنبول".
أسواق مفتوحة حتى الفجر
- من أجواء العُشر الأخير أيضا في الأسواق الشعبية في طرابلس بقسميها الحديث والقديم، أن تفتح المتاجر أبوابها حتى الفجر، لبيع حلويات العيد والملابس الجديدة التي تبعث الفرحة في قلوب الأطفال.
- "تنتشر المحلات المخصصة للعباءات الشرقية التراثية، أما بالنسبة للمطاعم والمقاهي فتضج بالرواد حتى الفجر، مع ارتياد الناس للمساجد، خاصة في الليالي الأخيرة"، وفق تدمري.
قهوة موسى
- تدمري أشار إلى أهمية "قهوة موسى" الشهيرة في منطقة باب الرمل وسط المدينة، التي يجتمع فيها الطرابلسيون وضيوف المدينة طيلة ليالي رمضان، وهي عبارة عن ساحة تراثية بين المباني، تتوزع حولها الأفران التاريخية.
- "الزينة تنتشر في الأسواق والساحات، فتضفي البهجة، وتُسمع تكبيرات العيد في هذه الأسواق عشية عيد الفطر"، حسب تدمري.
المعمول وورق العنب
وختم تدمري حديثه لموقع "سكاي نيوز عربية"، فقال:
- "تفوح رائحة الحلويات في أزقة طرابلس، خصوصا الحلويات المخصصة لشهر رمضان، وتجد باعة الحلويات في العشر الأخير يركزون على إنتاج معمول (كعك) العيد، كي يتمكنوا من تلبية الطلبات الكبيرة".
- طبخة ورق العنب المحشي بالأرز واللحم، متعارف عليها كتقليد لصباح العيد، والتي قيل عنها (رائحة ورق العنب تلوّن صبحية العيد في طرابلس)".