بَرز حضور الأطفال في الأعمال الرمضانية بالجزائر، بشكل لافت للانتباه مع إشادة واسعة سواء من صناع الفن أو الجمهور.

وتنوعت الأدوار التي شارك فيها الأطفال بين الفكاهة والدراما، حيث حمل أكثر من 30 طفلا جزائريا تتراوح أعمارهم ما بين 9 إلى 16 سنة على عاتقهم مسؤولية إنجاح الأعمال الرمضانية، عبر تقمصهم وذلك بالنظر لأدوار مختلفة ورئيسية.

والمثير للانتباه أن معظم الأطفال المشاركين، دخلوا صدفة عالم التمثيل لأول مرة، وذلك بعدما وقع عليهم الاختيار من طرف الوكالات المتخصصة في البحث عن المواهب والوجوه الجديدة والشابة.

عدد كبير من المواهب

في هذا الصدد توضح صاحبة وكالة "بروفايل كاستينا" أميرة حاجي أنهم يكتشفون بالصدفة يوميا عددا هائلا من الممثلين الأطفال الذين تتم الاستعانة بهم في تصوير الإعلانات التجارية والأفلام والمسلسلات.

وقالت أميرة لموقع "سكاي نيوز عربية": "نعمل في مجال البحث عن المواهب غير المعروفة ولدينا عدة طرق لاكتشافهم".

حيث تعتمد وكالات تجارب الأداء على جمع أكبر عدد من الأطفال ووضعهم تحت اختبارات متعددة، لاكتشاف مواهبهم في التمثيل وذلك بعد تصويرهم وتسجيلهم في مقاطع فيديو قصيرة يتم الاحتفاظ بها إلى حين عرضها على المخرجين عند الحاجة.

واعتبرت أميرة أن أولياء الأطفال يلعبون دورا هاما وأساسيا في اكتشاف موهبة الأطفال، وذلك من خلال إعطاء أبنائهم فرصة الوقوف أمام الكاميرا، التي تعتبر الخطوة الأولى والأساسية قبل دخول الطفل لعالم التمثيل.

أخبار ذات صلة

الأكثر متابعة.. سارة برتيمة تتحدث عن تجربتها بمسلسل "الدامة"
الجزائري صلاح إسعاد: السينما المستقلة لم تمت والدليل "سولا"

ومن بين أبرز الأطفال الذين تم اكتشافهم مؤخرا، في دراما الأطفال عمار قرمود وإسلام بعزيز وإيناس إيزري في مسلسل "الدامة" للمخرج يحي مزاحم، وفي الكوميديا نجد الممثلة بدور بن وشفرن في سلسلة "معيشة في العود" للمخرج أمين بومدين، وغيره من المواهب الفتية التي تميزت في سلسلة "البطحة "و"الاختيار الأول".

وما يجمع هؤلاء الأطفال هو اكتشافهم عن طريق الصدفة من قبل وكالات "الكاتسينغ"، فمعظم الممثلين الأطفال الذين استطاعوا أن يحجزوا مكانة لهم في قلوب الجماهير عبر برامج رمضان 2023 في الجزائر، لم يصعدوا المسرح من قبل.

ويعتبر المخرج أمين بومدين أن ما يميز هؤلاء الأطفال بالإضافة إلى موهبة التمثيل والقدرة على الانتقال من الدراما إلى الكوميديا بشكل سلسل، أيضا حماسهم الكبير مع دعم الأولياء.

وقال بومدين لموقع "سكاي نيوز عربية": "من الناحية العملية فإن الجزائر لديها اليوم عدد جيد من الأطفال المتميزين في مجال التمثيل والذين بإمكانهم حمل مشعل الفنون التمثيلية".

وأشار إلى أن مواقع التواصل الاجتماعي وخاصة تطبيقات "تيك توك" و"الإنستغرام" ساهمت وبشكل كبير في اكتشاف المواهب الجديد.

وفي الماضي، ارتبط نجاح العديد من الأعمال الجزائرية سواء في الدراما أو السينما بأداء الأطفال خاصة في فيلم" معركة الجزائر" للمخرج الإيطالي جيلو بونتيكورفو 1966، والذي تميز فيه الطفل عمر الصغير والذي جسده الممثل محمد بن قسن (لم يشارك في أعمال أخرى، رغم تميزه معركة الجزائر).

كما أنه من المستحيل الحديث عن الدراما الجزائرية اليوم دون الإشارة إلى رائعة "الحريق" الذي أخرجه مصطفى بديع عام 1974، وجمع نخبة من الممثلين الجزائريين في ذلك الوقت.

ومن بين أحد أبرز الممثلين الذين شاركوا في" الحريق "الممثل الفنان عبد الرحمن لوطاسية الذي عرفه الجمهور الجزائري في دور" الطفل عمر ".

غير أن المشكلة التي تواجه الأطفال الممثلين تكمن في قصر تجربتهم الفنية، مع غياب التدريب والمتابعة، حيث انتهى المطاف بعدد كبير منهم إلى خوض تجارب أخرى بعيدة عن التمثيل بسبب ظروف الحياة وقلة الفرص المتاحة في التمثيل.

وهذا ما يؤكد عليه الممثل الجزائري السابق عبد الرحمن لوطاسية الذي غادر التمثيل وتوجه إلى مهنة أخرى.

وعن تلك التجربة، يقول عبد الرحمن لموقع "سكاي نيوز عربية": "في ذلك الوقت واجه المخرج مصطفى بديع مشكلة البحث عن الممثلين الصغار، لم يكن من السهل إيجاد ممثلين أطفال في الجزائر".

وأضاف لوطاسية: "لقد وقع الاختيار علي للعب أحد الأدوار الرئيسية رغم أنني لم أدرس المسرح ولا التمثيل، كنا حوالي خمسين طفلا، ولم يطلب منها المخرج القيام بكثير من الأشياء وإنما حاول التركيز على ملامح الوجه والابتسامة والحزن والخوف".

وبعد خمسين عاما على مشاركته في تلك التجربة المهمة والمميزة والوحيدة، أصبح لوطاسية اليوم يعمل كمصور بالتلفزيون العمومي وقد اعتزل التمثيل منذ عام 1974.