يحيي ملايين المسلمين في روسيا شهر رمضان، للعام الثاني في ظل الحرب مع أوكرانيا، والتي رغم تداعياتها السلبية الاقتصادية والأمنية عليهم كجزء من الشعب الروسي، لكن مع ذلك فإن المظاهر الاحتفاءية والأجواء الروحانية تطغى كما في كل رمضان في مناطق انتشارهم وتواجدهم التقليدية وخاصة في جمهوريات شمال القوقاز الروسية، علاوة على كبريات المدن مثل العاصمة موسكو وسانت بيترسبيرغ.
ثاني ديانة
الدين الإسلامي هو ثاني أكبر ديانة في روسيا، ويشكل المسلمون أغلبية في 7 أقاليم روسية هي إنغوشيا (نحو 98%)، والشيشان (96%)، وداغستان (94%)، وقبردينو- بلقاريا (70%)، وقره شاي -شركيسيا (63%)، وبشكيريا (63%)، و تتارستان (54%).
ورغم عدم وجود إحصائيات دقيقة لعدد المسلمين في الاتحاد الروسي، فإن النسب التقديرية لهم تتراوح ما بين 20 إلى 25 مليون نسمة، أي من 10 إلى 15 في المئة من عدد سكان روسيا البالغ أكثر من 146 مليون نسمة.
ويرتفع عدد المسلمين سنويا أكثر من غيرهم، بسبب معدل الولادات المرتفع بينهم، وتدفق المهاجرين من دول آسيا الوسطى والقوقاز، والتي كانت سابقا جمهوريات سوفييتية ولا تزال تربطها صلات قوية مع روسيا.
رمضان روسيا
يقول الأكاديمي والأستاذ بمدرسة موسكو العليا للاقتصاد رامي القليوبي، في حديث مع موقع سكاي نيوز عربية :
* المسلمون في روسيا موزعون على مناطق وجمهوريات وأقاليم عدة، متركزين خاصة في جمهوريات شمال القوقاز ذات الغالبية المسلمة، مثل الشيشان وداغستان وأنغوشيا وتتارستان وبشكيريا .
* العاصمة موسكو وفق التقديرات تحتضن نحو مليوني مسلم، ضمنهم علاوة على المواطنين الروس، الوافدين من الجمهوريات السوفييتية السابقة في آسيا الوسطى.
* مظاهر رمضان وطقوسه تختلف من منطقة لأخرى، حيث هي حاضرة بقوة في جمهوريات شمال القوقاز، لكنها تبدو أقل حضورا نسبيا في العاصمة، ببعض الملامح الرمضانية كخيمة رمضان في موسكو، والتي تنظم موائد إفطار يومية وفعاليات مختلفة تعرف الناس بالثقافة الإسلامية.
* هناك تأثير ولا شك للأزمات الاقتصادية على اليوميات الرمضانية لمسلمي روسيا، وهي تسبق حتى الحرب الأوكرانية والتي برزت خلال جائحة كورونا وفرض القيود الصارمة على التجمعات، وهو ما أنعكس سلبا على الفعاليات والطقوس الرمضانية طيلة السنوات القليلة الماضية منذ 2020 .
* صحيح أن حرب أوكرانيا والأزمة مع الغرب وما خلفته العقوبات من تداعيات تسببت مثلا برفع التضخم في روسيا بنسبة 12 في المئة في 2022، وهو ما انعكس على قدرات المستهلك الشرائية عامة، لكن تداعيات تلك الحرب ولا سيما الاقتصادية منها، تطال المواطنين الروس ككل وليس المسلمين منهم فقط.
تنوع وتعايش
من جانبه يقول مدير المركز الثقافي الروسي العربي الدكتور مسلم شعيتو، والمقيم في سانت بطرسبورغ، في حديث مع موقع سكاي نيوز عربية :
* تتميز روسيا بتنوعها الديني والقومي والإثني الواسع، ويتمتع المسلمون هنا بمختلف حقوقهم في ممارسة عباداتهم الدينية وعاداتهم وطقوسهم الاجتماعية في مناسباتهم وعلى رأسها رمضان.
* يمتاز المجتمع الروسي عامة ومسلمو روسيا خاصة، بقوة العلاقات والقيم العائلية والروابط الأسرية، والتي تزداد مظاهرها في المناسبات والأعياد الدينية والاجتماعية المختلفة.
* الحكومة والشعب الروسيان لا يميزان بين الطوائف والقوميات في البلاد، ولهذا تبدو المظاهر الرمضانية منتشرة بكثافة في روسيا، بما في ذلك في المدن الكبرى كالعاصمة موسكو وسانت بيترسبيرغ، والتي تضم مثلا أول مسجد بني في شمال الكرة الأرضية، ويعتبر من التحف والمعالم الثقافية والإسلامية الأبرز في هذه المدينة، والتي هي بمثابة العاصمة الثقافية لروسيا، حيث يؤدي الصلاة فيه عشرات الآلاف خاصة أيام الجمع وصلوات التراويح والأعياد .
موائد متنوعة
* الموائد الرمضانية على الإفطار والسحور لمسلمي روسيا منوعة جدا، وتشتهر باللحوم والأرز والخضار والفواكه المجففة والمكسرات، والتي تعكس التنوع الثقافي في المجتمع الإسلامي الروسي، وتنتشر بينهم في مثل هذه الأيام عادة التزاور وتبادل الدعوات على الإفطار الرمضاني.