تعرض المسلسل المصري "سره الباتع" من إخراج خالد يوسف، والذي يعرض خلال شهر رمضان لهجوم وانتقادات لاذعة على مواقع التواصل الاجتماعي.
سبب الانتقادات بالدرجة الأولى يكمن في ملاحظات اعتبرها رواد مواقع التواصل الاجتماعي أخطاء تاريخية، مثل طبيعة ملابس وديكور العمل، حيث أظهرت بعض اللقطات أحد الممثلين وهو يرتدي حذاء رياضيا حديثا، إضافة إلى الممثل الذي قام بدور قائد الحملة الفرنسية على مصر نابليون بونابرت، وهو الفنان أيمن الشيوي، والذي بدا طويلا مقارنة بما عرف من قصر قامة نابليون، إضافة إلى ظهور جنود الحملة الفرنسية بملامح مصرية واضحة.
من جانبه أوضح الناقد الفني طارق الشناوي أن قوة مواقع التواصل الاجتماعي باتت تجبر صناع العمل الفني على التدقيق الشديد، وفي كل الأعمال الدرامية نجد بعض الأخطاء والتفاصيل التي قد تغيب عن القائمين عليها، حتى العالمية منها.
وأضاف الشناوي في حديثه لموقع "سكاي نيوز عربية" أنه:
- يجب على صاحب العمل الفني الحرص على أن تكون هناك "عيون متعددة" تراجع وتدقق العمل، وليست عين المخرج فقط، لأنه عندما تتم ملاحظة الكثير من هذه الأخطاء والتفاصيل فإنها توجد مسافة بين الجمهور وبين العمل الفني، وهذا ليس في صالح العمل.
- في الوقت الحالي أمام قوة مواقع التواصل الاجتماعي أصبح كل فرد لديه القدرة على أخذ لقطة والتركيز عليها، فهناك أخطاء يصعب ملاحظتها في السياق العادي إلا بعد إيقاف الكادر، أو إعادة رؤية المشهد أكثر من مرة.
- مسلسل "سره الباتع" تأثر قطعا بشكل سلبي برواد التواصل الاجتماعي الذين يتابعون كل شيء بترصد، وأصبحت في أيديهم أسلحة لم تكن متوفرة قبل ذلك.
- الجانب السلبي من مراقبة رواد مواقع التواصل الاجتماعي للأعمال الدرامية بهذا الشكل أكثر من الإيجابي، لأنه ملاحظة تفاصيل من هذا القبيل تعطي انطباعا للمشاهدين بغياب الدقة عن العمل الفني، ووجود أخطاء به، وهو ما قد يوجد مسافة بين الشاشة وبين المتلقي، خاصة العمل التاريخي الذي يتميز بأن الدقة جزء كبير من صناعته.
- في عمل تاريخي مثل "سره الباتع" يجب أن يكون الديكور والملابس ولغة الحوار تناسب الحدث الذي يقع منذ قرنين، فاللغة واللهجات والمفردات تتغير.
- في مسلسل "سره الباتع" لجأ المخرج إلى اللهجة العامية المصرية، وهذا في حد ذاته لا يمثل مشكلة، لكن يجب على العامية أن تنطق بالزمن، ولا تكون عامية مطلقة، فليست العامية المصرية الحالية مثل العامية التي كانت تنطق في تسعينيات القرن الماضي على سبيل المثال، وإنما حدثت تغييرات في كلمات متعددة.
- لاحظت استخدام العامية والفصحى في مسلسل الإمام الشافعي، وحتى في رواية يوسف إدريس التي أخذ منها مسلسل "سره الباتع" قد كتب بعض منها باللغة العامية، فاستخدام العامية له قانونه وله مريديه ولا يمكن منعه.
- بالنسبة لشكل نابليون وطوله على سبيل المثال، الأمر يعود لاختيار المخرج، فقد كان نابليون في هذا التوقيت في الثلاثينيات من عمره، بينما الفنان الذي قام بدوره أيمن الشيوي في الخمسينيات من عمره، لكن من الممكن لو أحضرنا شخصا في سن نابليون في هذه الفترة لا يؤدي الدور بشكل جيد، وهو أمر يعود لاختيارات المخرج.
- تكون مهمة المخرج في عملية الاختيار والمفاضلة للخروج بأفضل شكل وأقل خسائر، ولم أعرف الحكمة من اختيار هذا الفنان لكن بالتأكيد فإن المخرج خالد يوسف وجد أن هذا الاختيار هو أفضل الحلول.
- يجب مراعاة الكوادر التي تظهر ملامح الشخصية بشكل مناسب، وكذلك الإضاءة وزاوية التصوير وحركة الممثل وكلها أشياء يجب الانتباه إليها أثناء إعداد العمل الفني.
- الجمهور كان قد بدأ ينسى الأعمال التاريخية والدينية ومن الجيد جدا أن تلك الأعمال بدأت في العودة مرة أخرى، مثل سره الباتع، ورسالة الإمام والذي قدم فيه المخرج السوري الليث حجو عملا جيدا ومن المهم العودة للتاريخ واللغة العربية.