رافق عرض الحلقات الأولى من الإنتاجات الدرامية الرمضانية في المغرب، انتقادات واسعة لتكرار نفس وجوه وأبطال المسلسلات والأعمال الكوميدية في أعمال متعددة.
وانتقد مراقبون ونشطاء على مواقع التواصل الاجتماعي، اعتماد المنتجين والمخرجين المغاربة على نفس الممثلين والممثلات في مسلسلات وإنتاجات كوميدية، مع استقطاب مشاهير السوشيال ميديا، في حين غُيّب الكثير من رواد الشاشة المغربية الصغيرة.
وتقدم القنوات المغربية الأولى والثانية والثامنة الأمازيغية، مجموعة برامج خاصة بشهر رمضان، تتضمن مجموعة من المسلسلات المغربية الدرامية، جميعها من إنتاج خارجي، علاوة على مسلسلات وأعمال كوميدية تبث على الإفطار.
تكرار بدون قيمة مضافة
تؤكد الناقدة السينمائية، عضو الجمعية المغربية لنقاد السينما، ياسمين بوشفر، أن تكرار الوجوه ذاتها في مسلسلات وأعمال درامية عدة "حالة تتكرر منذ سنوات وليست وليدة اليوم، مع تغيير طفيف بإضافة وجه أو وجهين أو ثلاثة على الأكثر لخلق بعض التغيير، وهذه الأوجه الجديدة هي التي تحمل المشعل للظهور في الأعمال بشكل متكرر".
لكن السؤال وفق ياسمين "ليس في تكرار نفس الوجوه، بل في القيمة المضافة لمشاركة هؤلاء الممثلين والممثلات في مسلسلات متعددة، خصوصا أن بعض هؤلاء يشخّصون نفس الأدوار في أعمال مختلفة".
واعتبرت الناقدة السينمائية في حديث لموقع "سكاي نيوز عربية"، أن هذا كله "يعطي انطباعا لدى المتلقي والمشاهد، وحتى لدى بعض المتتبعين، أن هناك مجموعات تشتغل مع بضعها البعض، بنفس الأطقم والممثلين، لا تعرف تغييرا سوى فيما يتعلق بالأحداث والأدوار لا غير".
تكرار الوجوه ظاهرة غير صحية
الناقد الفني عبد الله الشيخ، اعتبر في حديث لموقع "سكاي نيوز عربية" أن "التكرار السنوي للوجوه نفسها ظاهرة غير صحية، لأنها تسقط الأعمال التلفزيونية المُقدّمة في الرتابة والنمطية والاجترار، في الوقت الذي يجب أن يضخ الجسد الفني دماء جديدة في شرايينه بحثا عن صيغ تمثيلية جديدة، تحتكم لجودة الأداء".
وشدد الشيخ على أن "كل عمل فني جيد، عليه أن يراهن على التجديد والمغايرة، لتجنب الأدوار المقلوبة والمعيارية التي تُخلّ بروح العمل، وتطمس قيمته، وتفرغ رسالته من كل معنى ودلالة".
وشدد على أنه: "لسنا ضد أي وجه من الوجوه، شريطة التقيّد بمستلزمات الأداء الخلاق والمقنع على مستوى التمثيل، والتفاعل مع المشاهد بكل حمولاتها السيكولوجية ومواقفها الدرامية"،
وأشار إلى أن "سرعة الاستعداد الرمضاني الموسمي، تنعكس سلبا على البناء العام للأعمال المقدمة، وتجعلها لا ترقى إلى مستوى التوقعات".
أعمال موسمية بخصوصية إعلانية
يرى الباحث في الدراما والوسائط المتعددة، كريم بابا، أنه من حيث المبدأ "لا ضير أن يبرز وجه جديد إلى جانب زملائه الفنانين في أعمال درامية موسمية، نظرا لخصوصيتها الإعلانية من جهة، وارتباط عدد كبير بتصوير أعمال في وقت متزامن من جهة ثانية".
غير أنه "إذا كانت الأسماء، سواء المعروفة لدى الجمهور أم لا، تفرض على المخرج بدوافع غير مهنية، وغالبا ما تكون دعائية تسويقية من خلال استثمار شعبية صناع المحتوى الرقمي، فالأمر منافٍ لما يطمح له المشاهد، بل يزيد في تكريس ظاهرة التطفل على الميدان الفني عامة وليس الدرامي فقط"، يستطرد بابا في حديث هاتفي مع موقع "سكاي نيوز عربية".
وتذهب الناقدة السينمائية، ياسمين بوشفر، إلى أن "المخرجين والمنتجين الذين يستقطبون وجوه السوشيال ميديا، يهدفون بشكل أساسي إلى الرفع من نسبة المشاهدات، خصوصا أن المسلسلات يعاد بثها أيضا على قناة يوتيوب"، لافتة إلى أن "بعض المشاهدين، يمكنهم مشاهدة العمل الدرامي أو الكوميدي، بسبب وجود أحد نجوم مواقع التواصل الاجتماعي، الذين يتابعونه بشكل واسع".
وأوضحت ياسمين أن "وجوه السوشيال ميديا في الأعمال التلفزيونية أمر غير صحي، لأنهم غير متمكنين من مجال التمثيل أو الوقوف أمام الكاميرا في أعمال درامية أو حتى كوميدية، ولا يمتلكون مؤهلات مسرحية أو سينمائية أو تلفزيونية، وإلا لا داعي لاستمرار عمل المعهد العالي للفن المسرحي".
ورفض الناقد الفني الشيخ أن يكون نجوم مواقع التواصل الاجتماعي "بديلا نموذجيا لرواد الشاشة المغربية"، مشددا على أنه "حان الوقت لكي نعيد تأهيل مشهدنا التلفزيوني العام لا الرمضاني الخاص، على أساس الحوار السلس بين الأجيال المتعاقبة، دون إقصاء أو انحياز أو قتل رمزي"، معتبرا أن "الرواد يشكلون، بالقوة وبالفعل، مدرسة الفرجة المغربية، ولا يمكن بأي شكل من الأشكال تغييبهم والاستغناء عنهم".
وفي المقابل، يعتقد الباحث في الدراما والوسائط المتعددة، كريم بابا، أن يكون "هناك جانب آخر مساهم في تراجع الرواد في مرحلة ما، وهي أن الوجوه الجديدة لا تكون مطالبها المادية كبيرة، عكس الفنانين المحترفين، وهي مسألة اختيار ومبدأ يجب احترامه ودعمه، لأنه يساهم في ضمان شروط مهنية وأخلاقية لممارسة المهنة".