تزينت جدران مركز مركز شباب "السجانة" الثقافي الاجتماعي العريق في وسط العاصمة السودانية الخرطوم، بلوحة فنية ضخمة تحكي لحظة معانقة نجم المنتخب المغربي سفيان بوفال لوالدته والاحتفال معها بوصول منتخب بلاده إلى المربع الذهبي في نهائيات كأس العالم 2022 في قطر بعد فوز منتخب بلاده المدوي على نظيره البرتغالي المدجج بالنجوم.
ونظرا لما تحمله من أبعاد إنسانية نبيلة، فقد اجتذبت اللوحة التي رسمتها أنامل الفنان السوداني أبوبكر الشريف ومجموعة من الأطفال الموهوبين، الكثير من الاهتمام في الأوساط الفنية والثقافية والاجتماعية في السودان.
وعلى الرغم من عدم تدشينها رسميا حتى الآن، إلا أن أعدادا كبيرة من السودانيين يتوافدون يوميا إلى المركز لمشاهدتها والتمتع بالمعاني الفنية والإنسانية الكبيرة التي تحملها.
3 أيام لرسم اللوحة
ويقول الشريف لموقع "سكاي نيوز عربية" إن رسم اللوحة الذي استغرق ثلاثة أيام، لم يكن مجرد عمل فني بل كان شيئا يدعو للفخر والإعجاز، كونه يعكس ثقافة الإنسان العربي وما يحمله من أحاسيس ومشاعر فريدة تجاه والديه.
ويشير التشكيلي السوداني إلى أن تفاعل الأطفال الذين شاركوه الرسم والتلوين كان كبيرا بقدر حجم البعد الإنساني لتلك الجدارية.
وعلى الرغم من مرور أكثر من شهرين على انتهاء بطولة كأس العالم، لا تزال الصورة الكروية والاجتماعية التي ظهر بها منتخب المغرب في البطولة تثير إعجاب المتابعين العرب، سيما تلك اللحظات التي كان يركض فيها نجوم المنتخب المغربي نحو أمهاتهم أو أمهات زملائهم في المدرجات ليحتفلوا معهن بالفوز عقب صافرة نهاية مبارياتهم.
صورة فريدة
ومثلما نجح منتخب المغرب في تحقيق إنجازات كروية كبيرة خلال البطولة، تمكن لاعبوه من عكس صورة إنسانية فريدة أبهرت العالم، حيث شكلت اللحظات التي كانوا يركضون فيها نحو الأمهات حدثا اجتذب أنظار الملايين ممن كانوا يتابعون البطولة عبر شاشات التلفزة في مختلف أنحاء العالم.
ووفقا للشريف فقد كان من الطبيعي أن تحرك فيها تلك اللحظات مشاعر الفنان أينما كان وهو ما دفعه للقيام بهذا العمل، وفق تعبيره.
وفي الواقع، سرقت أمهات عدد من نجوم المغرب ووالدة مدربهم اللائي حرصن على مؤازرة المنتخب من مدرجات الملاعب، الأنظار حتى من أبنائهن.
وفي لقطة لم تخبرها الملاعب العالمية من قبل، تفاجأ الجمهور بنزول والدة بوفال معه إلى داخل الملعب لاستكمال فرحة العبور إلى الدور قبل النهائي عقب المباراة التي فاز فيها المنتخب المغربي على نظيره البرتغالي.
وحتى الآن ما تزال تلك المشاهد الإنسانية تحصد الاهتمام في مختلف منصات التواصل الاجتماعي، وهو ما اعتبره الشريف اعتراف حقيقي بقيمة المشاعر الإنسانية التي تسهم غالبا في تشكيل موهبة وهوية الفنان وما يقدمه من عمل.
طبيعة اللوحة
ويرى الشريف أن طبيعة اللوحة وأبعادها الإنسانية العميقة هي التي حركت مواهب الأطفال الذين عملوا معه والذين تتراوح أعمارهم ما بين التاسعة والثالثة عش، مشيرا إلى أن الطاقة الفنية التي خرجت منهم تعكس الارتباط البديهي بين الموهبة الفنية والبيئة المحيطة بهم.
ويؤكد أبو بكر الشريف أن الأعمال الفنية التي تنطلق من واقع معاش غالبا ما تجد تفاعلا مجتمعيا كبيرا.
ويعمل الشريف منذ العام 2010 على تعليم طلاب الفن والهواة والأطفال أشكال متعددة من الفنون بما فيها الجداريات والرسم بالفسيفساء وغيرها من أنواع الفنون وهو ما دفعه لإشراك مجموعة من الأطفال في رسم جدارية بوفال.