برز إسم الصديق حاج أحمد (الزيواني)،في السنوات الأخيرة في الجزائر، كأحد الروائيين الجدد المهتمين بآدب الصحراء.
وقد استطاع بروايته الجديدة الموسمة بـ"مَنَّا .. قيامة شتات الصحراء" أن يحجز له مكانة ضمن القائمة الطويلة للبوكر العربية 2023.
وفي لقاء مع موقع "سكاي نيوز عربية"، يتحدث الزيواني عن تجربته في الكتابة، وحكاية "مَنَّا" الصحراء، وأهل البوادي والخيام بشمال مالي الذين استلهم منهم عمله الأدبي.
- بداية يؤكد الزيواني أنه من الكاتب الذين لا يحبون الكتابة للجوائز، ولا يتخذها غاية.
- يقول الروائي الجزائري لموقع "سكاي نيوز عربية"، "مرّ على بداية الكتابة عندي عقد من الزمن، لم أترشّح للبوكر إلا هذه المرة".
- يعبر عن سعادته لتواجده ضمن القائمة الطويلة للبوكر "سعادتي زادت عندما وجدتُ ارتياحا لدى القراء بالجزائر والعالم العربي، لصعود نص الصحراء، وهذا أمر مشجّع للأدب الجزائري".
- ينافس الزيواني على جائزة البوكر العربية، 15 روائيا عربيا آخر، من 9 دول عربية، تتراوح أعمارهم بين 40 و77 عاماً.
- تعتبر رواية "مَنَّا " عمله الثالث الذي صدر له بعد عملين روائيين، وهما "مملكة الزيوان"سنة 2013، وتبعتها رواية "كاماراد" 2016.
في حضن اللغة والثقافة "التارقية"
وعن سر التسمية "مَنّا..قيامة شتات الصحراء"،فقد أوضح أن لفظ "مَنّا" بفتح الميم وتشديد الدال، لفظ تارقي في أصله، يفيد معنى الجفاف بالعربية.
وقد آثر تأثيث هذه الرواية بالثقافة التارقية والحسانية، بداية من العنوان، وصولا إلى متن النص، حتى تكون معبّرة بحق، عن هذه الجغرافيا المجهولة وغير المحروثة في المدونة السردية الجزائرية والعربية.
شهود العيان في الرواية
- في الرواية يحكي كيف تشرّد البدو الرحل في شمال مالي بين دول الجوار بعد الجفاف الذي ضرب صحراء تيلمسي خلال سنة 1973.
- يعود اهتمام الكاتب بهذا الموضوع، إلى تسعينيات القرن الماضي، عندما كان طالبا بشعبة الماجستير بجامعة الجزائر.
- اختار في روايته أن يحكي قصة شخصية أدبية كنتية مغمورة بصحراء شمال مالي (محمد بن بادي الكنتي).
- يقول الزيواني "عندما سافرت إلى تلك البوادي والخيام بشمال مالي، استرعى انتباهي حرقة ولوعة الشيوخ والعجائز في قصّ مروياتهم عن هذا الجفاف، الذي حلّ بهم في ذلك العام (الشين) أي (السيء) كما يسمونه بلهجهتم الحسانية".
- يرى الزيواني أن دور الرواية، يكمن في استدراك ما تجاوزه المؤرخون، وإعادة تخييله، لتقدّمه للمتلقي، كوجبة معرفية، بأسلوب فني.
- لهذا سعى الكاتب لنقل تلك الفصول من المأساة بأمانه شديد،حيث قام بعدة زيارات لمنطقة الأزواد، واتصل بالشيوخ والعجائز من التوارق والحسان، بأدرار ورقان وبرج باجي مختار وتمنراست.
- كما اتصلت بأحد الشيوخ الكبار، الذين عايشوا الأحداث وجايلوها، وهو الشيخ يوسف إغ الشيخ، الذي أفاده بحيثيات الجفاف.
- الزيواني أستاذ التعليم العالي لمقياس اللسانيات العامة ولسانيات الخطاب بكلية الآداب جامعة أدرار جنوب الجزائر.
- يشغل منصب مدير مخبر سرديات الصحراء بجامعة أدرار، وتبدو بصمته الأكاديمية واضحة في عملية البحث عن الحقيقة.
- لكنه من أجل كتابة الرواية بشكل أدبي خالص، قام بهدم تلك المرويات والمشاهدات والمطالعات عن هذا الحدث، وأعدت تشكيلها بمتخيل روائي.
رؤية تخييل
- صنع الروائي الجزائري شخوصا وأزمنة وأمكنة، تدور فيها تلك الأحداث، وفق برنامج سردي مدروس.
- في الفرق بين أدب الصحراء والمدينة، يرى الزيواني أن الرواية الصحراوية تحتاج لجهد بحثي ورؤية تخيلية.
- فبالنسبة له لا يمكنك أن تكتب رواية عن الطوارق، وأنت تجهل لغتهم وثقافتهم ومعايشتهم في بداوتهم.
- يرى أن الكتابة لن تطاوع الكتاب،مهما فعل، مالم يتقرّب من الشخصية الحقيقية ويلتقط يوميات ذاك الإنسان ، ويعيش تجربته، كأن يأكل الأرز بيه كما يفعل الطوارق، ويركب الجمل، ويدخل الخيمة.
- هو ما يجعل من الرواية التي تتناول حكايات الصحراء تختلف عن رواية المدن الضاجة بالحركة.
- الصحراء حسب الزيواني يحكمها الصمت والسكون والفراغ، وعلى الكاتب أن يتعامل مع هذه المكونات بشيء من الفلسفة والتأمل.