يتجه المغرب لأول مرة في تاريخ البلاد، إلى اشتراط الإلمام باللغة الأمازيغية، كشرط من شروط الحصول على منح الجنسية المغربية للأجانب، وفق ما جاء في مقترح قانون صادق عليه بالإجماع مجلس النواب (الغرفة الأولى للبرلمان)، خلال جلسة تشريعية بداية الأسبوع الجاري.
وينص مقترح القانون، المتعلق بتتميم المادة 11 من الظهير الشريف رقم 1.58.250 المتعلق بسن قانون الجنسية المغربية، على أن "المعرفة الكافية باللغة العربية والأمازيغية أو إحداهما"، تعتبر شرطا من شروط التجنيس الأخرى المنصوص عليها في الظهير الشريف.
وتقدم بمقترح القانون الفريق الاستقلالي للوحدة والتعادلية (مشارك)، بهدف "ملاءمة مقتضيات الظهير الشريف القاضي بسن قانون الجنسية المغربية، خاصة المادة 11 منه، مع أحكام الدستور الذي جعل من الأمازيغية لغة رسمية للدولة إلى جانب اللغة العربية".
وكان دستور المملكة سنة 2011، أقر بدستورية اللغة الأمازيغية إلى جانب اللغة العربية، فيما تعمل الحكومة المغربية على تفعيل الطابع الرسمي للأمازيغية في مجالات الحياة العامة، إذ خصصت لذلك صندوقا ماليا يبلغ 1 مليار درهم في أفق سنة 2025.
التنزيل السليم لأحكام الدستور
وأكد رئيس الفريق الاستقلالي للوحدة والتعادلية، نور الدين مضيان، أن مقترح القانون الذي قدمه فريق حزب "الميزان" بالغرفة الأولى للبرلمان من أجل مراجعة شروط الحصول على الجنسية المغربية، جاء "من أجل التنزيل السليم لأحكام الدستور التي جعلت من الأمازيغية لغة رسمية للدولة".
وأوضح مضيان، في تصريحه لـ"سكاي نيوز عربية"، أن نواب حزب الاستقلال "انتبهوا إلى أن المادة المذكورة من قانون الجنسية، كانت تتضمن اللغة العربية فقط كشرط لحصول الأجانب على الجنسية المغربية"، رغم مرور أكثر من 10 سنوات على دسترة الأمازيغية في المملكة.
وقال رئيس الفريق الاستقلالي للوحدة والتعادلية بمجلس النواب: "قمنا بتدارك هذا الأمر لإعطاء الأمازيغية مدلولها الدستوري الحقيقي، وضمان مطابقتها مع هذا التوجه الدستوري الجديد".
مكتسب تشريعي مهم جدا
ويرى الكاتب الأمازيغي، رشيد الحاحي، أن شرط الإلمام بالأمازيغية المضاف إلى قانون الجنسية في المقترح المُصادق عليه، يعد "خطوة إيجابية في الاتجاه الصحيح لملائمة التشريعات الوطنية مع المقتضيات الدستورية، وخاصة الوضعية الدستورية للأمازيغية باعتبارها لغة رسمية للبلاد".
وتابع الحاحي، في حديثه لموقع "سكاي نيوز عربية"، أن "اشتراط التمكن من الأمازيغية يجب أن يدفع في اتجاه التفكير في أن التمكن من الأمازيغية، هو أيضا من المقومات الوطنية بالنسبة للمغاربة".
ويعتبر صاحب كتاب "الأمازيغية والسلطة"، أن "هذا مكتسب مهم جدا في انتظار أن تُراجَع العديد من مقتضيات التشريعات الأخرى والقوانين لكي تتلاءم مع الوضعية الرسمية للأمازيغية في الدستور، خاصة فيما يتعلق بديباجته والفصل الخامس منه الذي نص على أن اللغة الأمازيغية لغة رسمية إلى جانب العربية، إضافة إلى مقتضيات القانون التنظيمي لتفعيل الطابع الرسمي للأمازيغية في مختلف مناحي الحياة العامة".
خطوة تُعزّز مكانة الأمازيغية
في نفس الاتجاه، يرحب رئيس منظمة "إزرفان" (تعني القوانين بالأمازيغية)، حمو حسناوي، "بهذه القرارات والقوانين التي تُعزّز مكانة الهوية واللغة الأمازيغية في منظومة القوانين الوطنية وإن كانت غير مُلزمة".
وقال حسناوي، لـ"سكاي نيوز عربية": "رغم أن المقترح الجديد لا يحمل طابع الإلزامية في نص هذا القانون، إذ أنه يركز على تعلم إحدى اللغات الرسمية فقط وليس كلتيهما، لكننا نرحب بهذا التعديل في القانون ونعتبره خطوة إيجابية".
وأضاف رئيس المنظمة الحقوقية الأمازيغية غير الحكومية، أن المستجدات "تنسجم مع مضمون الدستور الذي يفرض أن تُحترم رسمية اللغة الأمازيغية في كل مجالات الحياة العامة للشعب المغربي"، مطالبا بأن "يكون تعلم اللغات الرسمية إلزاميا وعلى نفس القدر من المساواة".
إجراء عادي تأخر كثيرا
من جهته، يعتقد الفاعل الأمازيغي، مصطفى أوموش، أن ما جاء في المقترح "إجراء عادي لتنزيل الطابع الرسمي للغة الأمازيغية في الدستور المغربي، وتفعيل القوانين المنظمة لذلك".
واعتبر أموش، في اتصاله بـ"سكاي نيوز عربية"، أن "هذه الخطوة تأخرت كثيرا كما تأخرت مجموعة من القوانين؛ على غرار القانون التنظيمي لتفعيل الطابع الرسمي للأمازيغية، الذي صدر في الجريدة الرسمية بعد ثماني سنوات من دسترة الأمازيغية".
ودعا الفاعل الأمازيغي، إلى "إعادة النظر في مجموعة من القوانين في المملكة، لكي تنسجم مع الوضع الدستوري للأمازيغية، ومع القانون المُنظم لكيفية إدراج الأمازيغية في جميع ميادين الحياة العامة؛ ومنها ميدان التشريع والقوانين، من أجل تنزيل فعلي وحقيقي لرسمية اللغة الأمازيغية".