يشعر حوالي 11 مليون شخص أو 20٪ من السكان فوق سن 15 عاما بالوحدة في فرنسا، وفقا لدراسة نُشرت يوم 23 يناير، من قبل "مؤسسة فرنسا" التي تدعو إلى "إزالة وصمة العار" عن الشعور بالوحدة لتشجيع المعنيين على طلب المساعدة.
يصر مؤلفو الدراسة على أن نسبة الذين يشعرون بالوحدة لا تنخفض على الرغم من نهاية وباء كورونا. وحتى إن توفرت "حياة اجتماعية"، يشعر شخص واحد من كل خمسة أشخاص بالوحدة بشكل منتظم، "كل يوم تقريبًا" أو "غالبًا".
ومن بين الأشخاص الذين يشعرون بالوحدة بانتظام، يعاني 8 من كل 10 من الوحدة كمحنة، أي 9 ملايين شخص في فرنسا.
تأثير الوضع الاقتصادي
وفقا للمسؤولة عن الدراسات في "مؤسسة فرنسا"، آن كوغنيو، "تختلف نسبة الأشخاص المعزولين اختلافًا كبيرًا حسب وضعهم الاقتصادي".
وتوضح لموقع "سكاي نيوز عربية" أنه "كلما كان الشخص أكثر فقرًا، كلما ضعفت روابطه الاجتماعية. حيث أنه بين الأشخاص ذوي الدخل المنخفض، 15% يعانون من الوحدة مقابل 8% في فئة الدخل المرتفع".
وتعد البطالة أيضًا عاملاً مفاقمًا لهذه الظاهرة، إذ تقول كوغنيو،" يعاني العاطلون عن العمل ضعف العزلة التي يعاني منها السكان العاملون.
وهي ظاهرة يبدو أنها تعززت بفعل الأزمة الصحية. إذ أن 21% من العاطلين يشعرون بالعزلة في عام 2022 مقارنة بـ 18٪ في عام 2020".
وإذا انحسرت العزلة الحقيقية، فليس هذا هو الحال بالنسبة للشعور بالوحدة. حيث بين الأشخاص المندمجين في علاقات اجتماعية، مثل أفراد الأسرة الذين لا يعيشون تحت سقف واحد، أو الأصدقاء، أو الجيران، أو زملاء العمل، يصل معدل الشعور بالوحدة إلى 17٪ فيما يعتقد آخرون أن نوعية وطبيعة روابطهم غير كافية أو مصدر معاناة.
الوحدة تترسخ على مراحل
وتكتب الدراسة أن الوحدة تبدأ على مراحل، في أوقات مختلفة من الحياة، غالبًا بعد سلسلة من الأحداث المؤلمة التي تضعف نسيج العلاقات لدى الفرد. يتحول هذا "الدخول في العزلة" أحيانًا إلى "عزلة راسخة".
وهذا هو حال كبار السن من المهاجرين أو ما يعرف بـ"الشيباني" في فرنسا، الذين تدعمهم جمعية "أوليفيي دي ساج"، في مدينة ليون، جنوب شرق فرنسا.
وحسب تصريح مديرة الجمعية، زهرة فرحات، لموقع "سكاي نيوز عربية"، "70 في المائة من هؤلاء المهاجرين المنخرطين في الجمعية، وأغلبهم جزائريون ومعظمهم رجال، يعيشون في دار تقاعد خاصة بالعمال المهاجرين السابقين. وصلوا إلى فرنسا في فترة الخمسينيات والستينيات، ورفضوا إجراء "تجمع عائلي" لزوجاتهم وأطفالهم. واليوم هم وحيدون، يزورون عائلاتهم في بلدهم الأم كل سنتين أو ثلاث سنوات حسب معاشهم. وضع خلف لديهم نوعا من الوحدة والاكتئاب الثابت بسبب روتينهم اليومي".
وتتابع، "لقد لعبوا طوال حياتهم دور"المعيل المادي"لأسرهم، واليوم لم يعد لهم أي صلة أخرى بهم".
ويؤكد مؤلفو الدراسة، على أن هذا الإحساس بالوحدة الذي يصيب النساء أكثر من الرجال، تمر منه الأمهات العازبات أيضا بسبب انشغالهم بأطفالهم وبالعمل المنزلي مما يزيد من الانسحاب من العالم الاجتماعي" وكذلك الأشخاص الذين يعيشون في الدور الاجتماعية أو في السجن مثلا.
"إزالة وصمة العار" عن الشعور بالوحدة
ولتشجيع المعنيين بهذا "الشعور القاس" على طلب المساعدة والفضفضة، ترى كوغنيو أنه "من الضروري إزالة وصمة العار عن الشعور بالوحدة، والتمثلات السلبية لهذه الظاهرة وتعزيز الانخراط في الجمعيات لخلق روابط اجتماعية وتقوية ثقتهم في نفسهم".
ولهذا تدعو "مؤسسة فرنسا" إلى إجراء تغيير في المنظور العام لجعل الناس يفهمون أن الوحدة ليست مشكلة شخصية ولكنها ظاهرة مجتمعية يمكن أن تؤثر على الجميع، في جميع الأعمار.