وسط أزقة سوق "الفحم" في العاصمة الموريتانية نواكشوط، تحمل سهام بنت الخليل سوارا تقليديا مصاغا من الفضة بهدف إصلاحه، تعرف سهام وجهتها تحديدا في هذا السوق، حيث تقصد صانعات تقليديات متخصصات في هذا المجال. فالمجوهرات التقليدية في موريتانيا، تتميز بالمحافظة على جودتها البراقة حتى بعد إعادة صياغها.

تجلس سهام أمام محل إحدى الصانعات التقليديات، وتتفاوض معها حول سعر إصلاح السوار الذي اشترته منذ عام، قبل أن تشرع الأخيرة في إعادة تطريزه من جديد.

تقول سهام لموقع سكاي نيوز عربية: "تربطني علاقة وطيدة بالحلي التقليدي رغم تكلفته الباهظة، وأتزين دائما بما جادت به أيادي الصائغات المحليات".

وفي زاوية أخرى من ذات السوق، تجلس زينب عبد الله خلف طاولة خرز صغيرة، وهي ترصع قلادة تجهزها منذ أيام لعروس ستحتفل بزفافها بعد يومين.

تصدح من محلها البسيط موسيقى محلية خافتة، وتتساوم في الوقت ذاته مع إحدى المتبضعات، قبل أن تلتفت لـ"سكاي نيوز عربية"، وتقول: "أعمل صانعة تقليدية منذ مطلع القرن الواحد والعشرين بنواكشوط، وهي المهنة التي أعيل منها أسرتي بعد وفاة زوجي، واستطعت من خلالها توفير جميع احتياجات أبنائي الأربعة، وبعض أخواتي".

وتوضح زينب أنها تعمل في صياغ "القلائد، والأساور، والأقراط،" وتعمل في تسويق منتجاتها للريفيات، وخاصة المقبلات على الزواج منهن، مضيفة في تصريحها، أنها تبيع "بثمن باهظ " لأنها أصلية وذات جودة.

مداخيل زينب الشهرية لايمكن تحديدها، لأنها تتبع لحركة البيع في السوق، وأكدت لسكاي نيوز عربية، أن البيع 3 مرات، قد يكون كفيلا بتغطية حاجياتها لمدة أسبوع.

أخبار ذات صلة

احتفال الموريتانيات بالطلاق.. ظاهرة مستمرة
مهنة الصباغة.. لوحات على أجساد النساء

 المهرجانات

وفي ركن آخر من السوق، تنهمك حتوتو بنت أعل، في زركشة العديد من أغماد الخناجر، والمخدات التقليدية، والسكاكين استعدادا لعرضها في مهرجان مدائن التراث "المدن القديمة سابقا"، المقرر تنظيمه أواخر يناير الجاري في مدينة تيشيت التاريخية.

ترى حتوتو المعيلة لأسرتها، المهرجانات فرصة لتسويق منتجاتها، وقد بدأت تعمل على ذلك منذ سنوات.

تقول حتوتو لـ"سكاي نيوز عربية": "استعد كل عام لعرض منتجاتي في مهرجان مدائن التراث، وأجني من ذلك مبالغ معتبرة، كما حدث خلال النسخة الماضية، ومتأكدة من أنني سأبيع الكثير هذا العام، لأنني تعودت إقبالا كبيرا من المشاركين في النسخ الماضية."

وتؤكد حتوتو، التي بدأت هذا المجال منذ صغرها، أن الصناعة التقليدية بدأت تنتعش مؤخرا بعد ركود عاشته لسنوات، مشيرة إلى عودة الموريتانيات إلى المجوهرات التقليدية، والتباهي بها في السوشيال ميديا.

عدد من الفتيات الموريتانيات، أكدن لـ"سكاي نيوز عربية"، هوسهن بالتزين بالحلي التقليدية، خاصة في المناسبات الاجتماعية، لكن أسعارها تحول دون مسايرتها.

تقول لاله عيشة وهي فتاة موربتانبة: "ارتديت خلال زفاف صديقتي، مجوهرات تقليدية، وكانت في غاية الروعة، وحين تسوقتها بعد ذلك، وجدت أسعارها فوق مقدوري المادي، مقارنة بالمجوهرات الأخرى."

أخبار ذات صلة

سلمى عبد الفتاح.. أول خبيرة "مكياج سينمائي" في موريتانيا
الظفير.. تاج مرصع على رؤوس الموريتانيات

موسم السياحة

ووسط سوق الميناء بالعاصمة نواكشوط، تستعد الصائغة مريم بنت الداه، لإرسال العديد من منتوجاتها إلى ولاية آدرار بعد انطلاقة الموسم السياحي 2022-2023، من أجل تسويقها أمام السائحين الأوروبيين، وذلك بعد تجربة ناجحة خلال العام الماضي.

توضح مريم التي ورثت هذا المحل من والدتها، أن فكرة تسويق منتجاتها التقليدية للسائحين، بدأت حين لاحظت انبهار بعض الأوروبيين بمنتجاتها في نواكشوط.

تقول مريم لـ"سكاي نيوز عربية: "أعجب متبضعون أوروبيون بالخواتم الفضية التي أصنعها، وكذلك الأساور، والسبحات، وبعتهم إياها بمبالغة طائلة".

وتضيف: "ذات مرة خضبت بنان سائحة فرنسية بالحناء، وقد جلبت صديقاتها بعد انبهارهن بها، أدركت بعد ذلك، أن الموسم السياحي، فرصة لتسويق منتجاتي".

معظم الصانعات التقليديات في نواكشوط، معيلات أسر، وقد كانت هذه المهنة محسورة في شريحة واحدة من المجتمع الموريتاني تتوارثها جيلا بعد جيل، لكن العائدات المادية لهذه المهنة، جعلت أخريات يقتحمن هذا المجال، بحسب بعضهن خلال حديثهن مع سكاي نيوز عربية.