في مواجهة لنسب الطلاق المرتفعة وحالات العنف الزوجي المسجلة، أعلنت وزارة الأسرة والمرأة والطفولة والمسنين في تونس، بمناسبة يوم الأسرة، البدء في تنفيذ برنامج لتأهيل المقبلين على الزواج من أجل "إكسابهم مهارات علمية للتعامل مع الشريك وصعوبات الحياة الزوجية وتقوية الروابط الاجتماعية".
وأكدت وزيرة الأسرة آمال الحاج موسى لدى إعلانها عن البرنامج أن التقرير السنوي لمندوبي حماية الطفولة يبين أن 60 بالمائة من الإشعارات الواردة حول الطفولة المهددة تعبر على أن الفضاء الأسري لم يكن آمنا لهم.
وتشير الأرقام في تونس إلى أن نسب الطلاق ارتفعت من أكثر من 14 ألف حالة طلاق في عام 2015 إلى قرابة 17 ألف حالة وفق مؤشرات 2018، كما تراجعت عقود الزواج إلى 83 ألف عقد عام 2019 بعد أن كانت في حدود 110 ألاف عقد عام 2014.
وتعليقا على هذه الأرقام، قالت المختصة في علم الاجتماع لطيفة التاجوري في حديث لموقع "سكاي نيوز عربية" إن:
- برنامج إعداد الحياة الزوجية هو نوع من التمكين الاجتماعي الذي يهدف لتسيير العلاقات داخل الأسرة لكنه يجب أن يواكب التغيرات التي يشهدها العالم اقتصاديا واجتماعيا ويتأثر بها الإطار العائلي، حتى لا يعيد هيكلة العلاقات الاجتماعية وإنتاجها في شكلها التقليدي.
- معدلات الطلاق ارتفعت كثيرا بسبب ظهور مشاكل في عدم التوافق وصعوبات في التواصل وتداخل أبعاد اجتماعية وثقافية واقتصادية في العلاقة الزوجية.
- حثت الباحثة في علم الاجتماع على أن تتجسد فكرة تمكين المقبلين على الزواج بعيدا عن الأشكال التقليدية وأن تتضمن تأهيلا مباشرا لطرفي الحياة الزوجية عبر تقنيات الخدمة الاجتماعية والمقابلات الفردية مع الزوجين وحتى أفراد الأسرة المتدخلين، على أن يواكب برنامج التأهيل كل المتغيرات التي تخدم مصلحة الطفل الفضلى وحقوق النساء، وأن يتجاوز الجوانب الشكلية إلى العناية بتقنيات التواصل وأساسيات وضع البرنامج الاقتصادي لميزانية العائلة والمعارف الاجتماعية المتعلقة بتقسيم الأدوار داخلها.
- اعتبرت التاجوري أن تطبيق برنامج تأهيل المقبلين على الزواج يبقى صعبا لأنه يحتاج الكثير من التخصصات بين المجتمع المدني والأخصائيين النفسيين والاجتماعيين لضمان الإقبال على هذا التمكين.
من جهتها قالت رئيسة اتحاد المرأة، أكبر منظمة نسوية في تونس، راضية الجربي، في تصريحات لموقع "سكاي نيوز عربية" إن "المقصود بالثقافة الزوجية وتأهيل المقبلين على الزواج غير واضح ويطرح تساؤلات مختلفة تتعلق بمدى سلطة وزارة الأسرة على الحياة الخاصة للأفراد، وبفحوى برنامج التأهيل الذي تقترحه في ظل عزوف الشباب حتى عن إجراء الفحوصات الطبية الكاملة المطلوبة قبل إبرام عقد الزواج".
وتساءلت الجربي: "هل ستمنح وزارة الأسرة للمتأهلين شهادة تثبت أنهم أصبحوا صالحين للزواج؟".
ودعت رئيسة اتحاد المرأة السلطات للعمل على تعميم التوعية بالاحترام المتبادل وبالمواطنة وبثقافة حقوق الإنسان، عبر البرامج المدرسية، وتنشر الوعي حول مخاطر الزواج المبني على المصلحة أو عدم التوافق في شكل عمليات توعية مستمرة لتجاوز المشاكل الاجتماعية والخلافات داخل الأسرة عبر برامج النقاش بديلا عن التلقين.
جدير بالذكر أن وزارة الأسرة والمرأة والطفولة تعتزم تجربة خطة التأهيل للمقبلين على الزواج خلال الفترة 2025/2023 كتجربة نموذجية أولى عبر تنظيم دورات تأهيل للشباب المقبل على الحياة الزوجية بكافة المحافظات وإصدار أدلة رقمية ومكتوبة للتعريف بأسس الحياة الزوجية الناجحة.