تراهن الجزائر على كنوزها الطبيعية والثقافية ومعالمها المعمارية بجنوب البلاد، من أجل ترقية السياحة الصحراوية والنهوض بالقطاع السياحي الذي أصبح مُعولا عليه من أجل تحقيق التنمية الاقتصادية.
ويمتد موسم السياحة الصحراوية بالجزائر على مدار 7 أشهر، من شهر أكتوبر إلى غاية مايو، وتعمل الجهات الوصية خلال هذه السنة، على عدة إجراءات تنظيمية من أجل الدفع بالنشاط السياحي في تلك المناطق.
وأكدت المديرة العامة للديوان الوطني للسياحة، صليحة ناصر باي، أن "جميع المؤشرات تبين أن موسم السياحة الصحراوية لهذه السنة ناجح ومتميز".
وفي هذا الشأن، أفادت صليحة ناصر باي لـ"موقع سكاي نيوز عربية" أن "هناك توافد عدة مجموعات من السياح الأجانب على مناطق الجنوب مثل جانت وتمنراست وتيميمون، وهذا يدل على وجود طلب على الوجهة الصحراوية في الجزائر".
في المقابل، أبرزت المتحدثة وجود اهتمام من العائلات الجزائرية هذه السنة، لاكتشاف بلدهم انطلاقا من الجنوب الكبير.
وبخصوص عودة المهرجان الدولي للسياحة الصحراوية بعد غياب دام 8 سنوات، أوضحت المديرة العامة للديوان الوطني للسياحة أنه "جمع كل العائلة السياحية بجنوبنا الكبير وكان بمثابة عرس كبير، إذ تم التعريف بالمنتوجات التقليدية، الحرف، النشاطات الثقافية والألعاب الرياضية، ما أكد التفاف الجميع حول الموسم السياحي الصحراوي".
وتحدثت عن الوجهة السياحية "طريق القصور" التي أطلقت مؤخرا، وتمتد على عدة مناطق صحراوية من المنيعة، تيميمون، بني عباس، تاغيت إلى بشار، مؤكدة وجود "صدى إيجابي" لهذه الخطوة.
كنوز أثرية في أحضان الصحراء
وتحتوي صحراء الجزائر التي تقارب مساحتها 2 مليون كيلومتر مربع على العديد من المعالم الأثرية والثقافية الغنية بأسرارها، إذ أصبحت حجر الأساس نحو تحويل هذه المنطقة الشاسعة إلى وجهة سياحية جذابة سواء بالنسبة للسياح المحليين أو الأجانب.
وتحتوي صحراء الجزائر على خمسة حظائر ثقافية مصنفة، وهي حظيرة الطاسيلي في ولاية إيليزي، الهقار في ولاية تمنراست، وادي ميزاب في ولاية غرداية والحظيرة الثقافية للأطلس الصحراوي في حظيرة توات، قورارة، تيديكلت.
وتلخص حكاية المصور الأمريكي، "أندرو ستادر" الذي زار منطقة "الطاسيلي ناجر" أقصى جنوب الجزائر، الصيف الماضي، إحدى قصص إعجاب الأجانب بتلك الطبيعة المتميزة بالجبال الحجرية والرمال الذهبية، حتى أنه شبهها بـ"المريخ".
وارتدى الأميركي لباس رواد الفضاء، وكتب فوق صورة له على مواقع التواصل الاجتماعي: "المريخ موجود على أرض الجزائر".
الطاسيلي وفن الكهوف
عبد العزيز طلحي شاب جزائري يرأس الجمعية الوطنية لتشجيع السياحة وتطويرها، ويعمل على تكريس الثقافة السياحية في بلاده وثقافة التجوال بين المناطق، يصف الصحراء الجزائرية بأنها "جنة وفق الأرض تستحق الزيارة".
وفي حديثه مع "موقع سكاي نيوز عربية"، قال طلحي إنّ "أول ما يحس به السائح عندما تطأ قدماه الصحراء الجزائرية هو شعور بالسفر عبر الأزمنة والعصور، خاصة عندما يقف على صخور وكهوف محمية الطاسيلي ناجر التي عاش فيها إنسان ما قبل التاريخ، راسما حضارته بنقوش وكتابات خالدة، إنه شعور سيدفع به للقدوم إليها مرة أخرى".
وتقع محمية "طاسيلي ناجر" بجنوب شرق الجزائر في ولاية إيليزي التي تبعد عن عاصمة البلاد بـ1758 كم مربع، وتبلغ مساحة المحمية 72.519 كيلومتر مربع، حيث سبق أن تم تصنيفها ضمن مواقع التراث العالمي لليونسكو، وتحتوي على أحد أهم رسومات "فن الكهوف" التي تعود إلى عصور ما قبل التاريخ.
بعض مهنيي الميدان السياحي يشيرون إلى ضرورة وضع استراتيجية ترويجية واسعة لهذه المناطق، ويقترح رئيس الجمعية الوطنية لتشجيع السياحة وتطويرها، فكرة خلق "قرى سياحية" بالقرب من تلك المحمية تتناسب مع البيئة الصحراوية بغية خلق جو من المنافسة بين الفاعلين من أجل تنشيط السياحة الداخلية.
وبخصوص اهتمام وكالات الأسفار بالسياحة الداخلية، قال رئيس الجمعية الوطنية لوكالات السياحة والأسفار، محمد أمين برجم إن "كل وكالات السياحة بالجزائر لديها برنامجين أو ثلاثة بخصوص السياحة الصحراوية وهي تهتم بالسائح الجزائري والأجنبي على حد سواء".
وأضاف برجم لـ"موقع سكاي نيوز عربية" أن "السياحة الصحراوية الجزائرية متفردة ومتنوعة، من بين ما تتضمنه، نجد السياحة الحموية وسياحة المغامرات، وهذه النشاطات تهم السائح الأوروبي خاصة في فصل الشتاء".
مطلب النقل الجوي
ولدعم السياحة الصحراوية، وقعت شركة الخطوط الجوية الجزائرية اتفاقية مع متعامل عالمي تقضي بإقامة خط سياحي مباشر بين العاصمة الفرنسية باريس وجانت الجزائرية، ومن المرتقب أن يتم مباشرة أول رحلة يوم 17 ديسمبر الجاري.
وفي هذا الشأن يؤكد الخبير في السياحة، سعيد بوخليفة أنه "من الضروري مرافقة السياح الأجانب وتوفير كل متطلبات الراحة لهم، منذ الوصول إلى المطار إلى غاية الالتحاق بالفندق، وبما أننا نتحدث عن السياحة في الصحراء فإنه من الضروري تكثيف النقل الجوي نحو الجنوب".
وأكد سعيد بوخليفة لـ"موقع سكاي نيوز عربية" أن "الوجهة الصحراوية الجزائرية لم تكتشف حديثا، حيث كانت مطلوبة في وقت سابق بـ70 بالمئة من طرف السياح الأجانب مقارنة بالجهات الأخرى من البلاد".