سجلت السياحة العلاجية في تونس خلال السنوات الأخيرة مؤشرات إيجابية في تطور الخدمات المقدمة للزبناء المحليين والأجانب، وفي استقطاب السياح الوافدين من دول الجوار على وجه الخصوص، بغرض الاستفادة من الخدمات الاستشفائية التكميلية.

وتعد تونس وجهة مفضلة للسياحة العلاجية في المنطقة، وذلك بفضل ما يتوفر بوحداتها الاستشفائية من كفاءات طبية وشبه طبية فضلا عن وجود مصحات متخصصة في هذا الأمر، وخدمات التجميل ومراكز للنقاهة، مما جعل هذا القطاع الاستشفائي قطاعا حيويا قادرا على خلق دينامية للسياحة، بما يسهم في تحسن المؤشرات الاقتصادية في البلاد بعد عامين من حالة الركود والتراجع التي تسببت فيها أزمة "كوفيد-19" خلال سنتي 2020 و2021.

وبحسب أرقام رسمية أوردها الديوان الوطني للسياحة في تونس، فقد استطاع قطاع السياحة الطبية والعلاجية في تونس سنويا أن يوفر عائدات مالية تجاوزت 2 مليار دينار (660 مليون دولار) في موفى سنة 2021 وذلك بفضل توافد ما يزيد عن 550 ألف سائح على مختلف الوحدات السياحية الطبية في البلاد.

وقالت المديرة العامة لوحدة النهوض بالاستثمار والخدمات في الصحة بوزارة الصحة، نادية فنينة، إن السياحة العلاجية تشمل عديد الخدمات الصحية التكميلية، مضيفة أن تونس تحتل المركز الثاني عالميا في خدمات النقاهة.

وأضافت في تصريح لموقع "سكاي نيوز عربية" أن "وزارتي الصحة والسياحة تعملان على جعل قطاع السياحة الاستشفائية أكثر حيوية ومردودية لاقتصاد البلاد وذلك بالتركيز على تنويع العروض لهدف استقطاب المزيد من الزبناء خصوصا أن السياحة العلاجية توفر عائدات أكبر من السياحة العادية باعتبار أن السائح الذي يأتي إلى تونس للعلاج سيكون معدل إنفاقه أكبر من السائح العادي"، بحسب قولها.

وبحسب مصادر غير رسمية، يصل معدّل إنفاق السائح الواحد إلى تسعة آلاف دينار (ثلاثة آلاف دولار) أسبوعيا، فيما تستحوذ عائدات قطاع السياحة الطبية على أكثر من 40 في المئة من إجمالي عائدات القطاع السياحي ونحو 6 في المئة من الناتج الداخلي الخام، وفق المؤشرات الخاصة بالعام الماضي.

نقائص وعثرات

وذكرت فنينة لـ"سكاي نيوز عربية": "تطور مؤشرات السياحة العلاجية في تونس لا ينفي وجود العديد من النقائص التي تسعى الجهات المشرفة على القطاع إلى إصلاحها ومراجعتها، وخاصة في ما يتعلق بمراكز الإقامة والنقاهة لكبار السنّ أو المرضى الذين يتلقون العلاج في المستشفيات العمومية والمصحات الخاصّة".

وتابعت: "هناك مساع حثيثة لمعالجة تلك النقائص اعتمادا على دفتر شروط خاصّة بدور المسنين.. هناك طلبات كبيرة من باعثين شبان لفتح هذه المراكز المتخصصة في العناية بكبار السن والمرضى باعتبار أهميّة هذه الخدمات الصحيّة التي تهتم بها الوزارة، لكن تطبيقها على أرض الواقع ينطلق وجوبا من الاستجابة لكراس شروط يضبط طبيعة وأسس تلك المراكز لتفادي أية إخلالات".

وبخصوص البلدان التي تستهدفها تونس لتطوير قطاع السياحة العلاجية وجعله أكثر إيرادا للقطاع السياحي واقتصاد البلاد بشكل عام، أكدت المديرة العامة لوحدة النهوض بالاستثمار والخدمات في الصحة: "تأتي أوروبا في المركز الأول بسبب القرب الجغرافي لتونس، وأيضا لتعودهم على زيارة البلاد، نحن نعمل على ضمان أكبر استفادة من القطاع الذي يشكل محركا اقتصاديا حقيقيا بفضل ما تتوفر عليه تونس من بنية تحتية وشبكة قادرة على ربط المستخدمين الصحيين وتطوير وتوسيع الصناعة الصيدلية وعلى منظومة تكوين في المهن الصحية، فالسائح الذي يأتي للعلاج يبحث في المقام الأول عن سرعة الوصول إلى الخدمات الصحية وعن السلامة والأمن وجودة الخدمات والنظافة بشكل خاص".

أخبار ذات صلة

تونس.. اقتحام البنوك والسطو كابوس يؤرق الأمن
جائزة عالمية لمخترع تونسي صغير يبتكر روبوت لعد النقود

وتعدّ تونس وجهة مفضلة للسياح الفرنسيين بدرجة أولى، وفي المرتبة الثانية يأتي الجزائريون والليبيون والبريطانيون. وتستقبل تونس أيضا نسبة هامة من السياح من أميركا اللاتينية ومن إفريقيا جنوب الصحراء إذ يتوافد عليها عدد هام من السياح من الكوت ديفوار والسنغال ومالي بوجه خاص.

تحسين جودة الخدمات

بدوره، قال طارق النيفر، رئيس جامعة الصحة التونسية، لـ"سكاي نيوز عربية" إن تحسين جودة الخدمات والالتزام بدفتر الشروط التي تنظم القطاع، هي أولى الأسس التي يرتكز عليها تطوير قطاع السياحة العلاجية في تونس، مضيفا أن تلك المهمة تشترك فيها وزارات الصحة والسياحة والمرأة والطفولة والمسنين باعتبار أن عددا كبيرا من السياح هم من كبار السن والمرضى الذين يحتاجون إلى مرافقة طبية، بحسب قوله.

وفي تصريح لـ"سكاي نيوز عربية"، قال النيفر: "تشمل السياحة العلاجية في تونس عديد الخدمات وتوفر إيرادات ضخمة للقطاع السياحي، كما توجد عديد المراكز الخاصة بكبار السن من المرضى الأجانب، خاصة من ليبيا وإيطاليا وفرنسا وغيرها، وهي مراكز متخصصة في العناية بالأشخاص الذين يحتاجون لمتابعة طبية ومرافقة دائمة، وهذه المراكز موجودة في بعض الوحدات الصحية في قمرت شمال العاصمة تونس وفي الحمامات بمحافظة نابل (شمال شرق)".

الأولى إفريقيا

من جهته، كشف غازي المجبري، رئيس غرفة الخدمات الصحية في منظمة الاتحاد التونسي للأعراف ومؤسس شركة الخدمات الطبية العالمية بتونس، وهي شركة تنشط منذ أكثر من 15 عاما في مجال الخدمات الصحية، أن تونس تحتل المركز الأول في القارة الإفريقية على مستوى عدد الوافدين الأجانب للاستفادة من الخدمات السياحية والعلاجية، فيما تحتل جنوب إفريقيا المركز الأول في إفريقيا على مستوى وفرة الخدمات.

وقال المجبري لـ"سكاي نيوز عربية": "من أكثر الجنسيات إقبالا على وحدات السياحة الصحية في تونس الجزائريون والليبيون، كما يتوافد باستمرار سياح من أوروبا وآخرون من إفريقيا جنوب الصحراء وهؤلاء يضخون مداخيل هامة في عائدات القطاع السياحي الطبي الذي لا يزال من المجالات الخفية والتي لا تحظى بالترويج والدعاية اللازمين لضمان أكثر عدد من الوافدين والحرفاء ودفع الاستثمار في القطاع".

وأوضح أن "هناك 3 أصناف من السياحة الاستشفائية، وهي سياحة الرفاهة وسياحة كبار السن والسياحة الطبية (الجراحة التجميلية) وهي قطاعات قادرة على أن توفر عائدات كبيرة من العملة الصعبة، أما بالنسبة إلى متوسط كلفة السائح الواحد خلال إقامته بتونس فهي تفوق 5 آلاف دينار، وهو ما يعني أن إجمالي العائدات يمكن أن يتجاوز 2.5 مليار دينار، إذا علمنا أن هناك أكثر من 500 ألف سائح دخلوا المصحات التونسية".

يشار إلى أن تونس تضم أكثر من 50 مركز علاج بالمياه الطبيعية وأكثر من 60 مركزا للمعالجة بمياه البحر، وقرابة 100 مصحة توفر خدمات السياحة العلاجية، كما تعمل على إنشاء محطات استشفائية بمناطق عدة في البلاد مثل قربص من محافظة نابل وهو مشروع ينتظر أن يدخل حيز الاستغلال قريبا، وفي محافظات قفصة ومدنين (جنوب).