فقد السودان خلال العقود الثلاث الماضية أكثر من 60 في المئة من غطاءه الشجري، حيث تتآكل مساحات الغابات بشكل متسارع بسبب التحطيب الجائر للحصول على أرباح سريعة من الأخشاب كبيرة العائد.
ويلقي خبراء في مجال الغابات باللوم على السياسات الحكومية الغير مدروسة، إضافة إلى انعدام الرقابة مقابل التحطيب الجائر للاستفادة من عائدات ثروات الغابات الضخمة.
استغلال جائر
تقدر تقارير حجم العوائد التي حصلت عليها مجموعات تجارية ونظامية من الاستغلال غير القانوني لأخشاب الغابات بأكثر من 10 مليارات دولار خلال الأعوام الثلاثين الماضية، إضافة إلى فقدان الخزينة العامة لعائدات قدرت بنحو 20 مليار دولار بسبب القطع المفرط لأشجار الهشاب والشنط المنتجة للصمغ إضافة إلى أشجار أخرى تنتج منتجات تصديرية مهمة.
وإلى جانب الخسائر الاقتصادية الضخمة، يشير الخبراء إلى الأضرار البيئية والاجتماعية والأمنية البالغة الخطورة الناجمة عن فقدان جزء كبير من الغطاء الأخضر في البلاد.
الزيادة السكانية
- تأثرت مساحات الغابات سلبا بالزيادة السكانية المتلاحقة في البلاد، حيث ارتفع عدد سكان البلاد من 19 مليون نسمة في بداية التسعينيات إلى أكثر من 40 مليونا في الوقت الحالي.
- صاحبت تلك الزيادة توسعات معمارية كبيرة في المدن الرئيسبة، خصوصا العاصمة الخرطوم مما فاقم من عمليات قطع الغابات لاستخدام أخشابها بشكل مباشر في البناء أو استخدام حطبها في صناعة الطوب الذي تضاعف استعماله بشكل كبير لمواكبة التوسع المعماري.
- أدت كل تلك الأسباب إلى زوال غابات بأكملها في العديد من مناطق غرب ووسط وجنوب البلاد، ما أدى إلى نتائج كارثية وتدهور بيئي شامل قاد إلى التصحر وتدهور الإنتاج الزراعي.
- تفاقم الأمر أكثر بعد إزالة مساحات كبيرة من الغابات بغرض التعدين ولاستكشافات النفطية، كما أسهمت الحروب والنزاعات في إزالة مساحات كبيرة من الغطاء الشجري في مناطق النيل الأزرق وغرب البلاد.
ثروة مفقودة
وفي هذا الإطار، قال خبير الغابات والأستاذ في الجامعات السودانية طلعت دفع الله عبد الماجد، لموقع "سكاي نيوز عربية":
- السودان كان حتى ثمانينيات القرن الماضي واحدا من أغنى بلدان المنطقة من حيث الثروات الغابية قبل أن تتآكل تلك الثروات بفعل الإهمال والخلل في السياسات والأطماع التجارية.
- الغطاء الشجري في السودان كان غنيا وكثيفا، حيث كانت الغابات الاستوائية تمتد حتى مشارف العاصمة الخرطوم، لكن نتيجة للنشاطات البشرية المدمرة والاستغلال المكثف للأرض والرعي الجائر والحرائق تغيرت هذه الصورة الزاهية للغابات.
- كان غطاء الغابات الطبيعية يغطي 59 بالمئة من مساحة البلاد منها 40 بالمئة في منطقة السافنا و19 بالمئة في منطقة شبه الصحراء، وفي العقود الماضية تراجعت تلك المساحات بشكل كبير.
- تأثرت الكثير من مناطق البلاد بانحسار وزوال الغطاء الغابي، خصوصا مناطق الزراعة المطرية المكثفة والمناطق المتاخمة لها ومنطقة الجزيرة المروية الأكثر كثافة بالسكان.
- تفاقم أزمة الغابات يعود أيضا إلى المعوقات التشريعية والثغرات الكبيرة في قانون الغابات وضعف العقوبات وعدم الإلمام الكافي بخطورة التدهور البيئي.
- يجب إيجاد حلول سريعة وناجعة لاستعادة المساحات الغابية المفقودة تشمل تكثيف زراعة الغابات والأحزمة بأطراف القرى والمدن كمخزون استراتيجي هام لتوفير الطاقة والتوازن البيئي المطلوب، إضافة إلى زيادة الوعي المجتمعي بأهمية الغابات، ووضع وتنفيذ قوانين رادعة لمنع عمليات القطع الجائر.